الأساليب الناجحة للتربية الصالحة | الشيخ فارس عمران


نشرت: يوم الإثنين،15-نوفمبر-2021

الأساليب الناجحة للتربية الصالحة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:

إن من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى على العبد أن يرزقه الذرية والولد، فهم جنة الدنيا ونعيمها، فكم وكم يأنس قلب العبد ويرتاح فؤاده برؤية أولاده وهم صغار يسرحون من حوله ويمرحون، فإذا ما ضحكوا ضحكت له الدنيا بما فيها، فتنسيه تلك الضحكات هموم الدنيا ومشاغلها، فلا يعدل سرور الأب بأولاده سرور، ولكنَّ ذلك السرور سرعان ما يتلاشى ويندثر إذا ما أهمل الإنسان تربية أولاده وتأديبهم، فالولد مزرعة يحصد الأب فيها ثمار ما زرع، ولذا سنشير في هذه الكلمات إلى بعض الأمور التي ينبغي مراعاتها في تربية الأولاد كي ننال بذلك سعادة الدنيا والفوز بالآخرة، وهي وإن كانت كثيرةً يضيق المقام عن ذكرها ولكنَّ من أهمها ما يلي:

التربية بالقدوة:

التربية بالقدوة من أهم أساليب التربية الناجعة، ولما أراد الله سبحانه وتعالى أن يدل الناس عليه ويعرفهم على جلاله وجماله، أرسل إليهم أعرف الناس به وأقربهم إليه سبحانه وتعالى، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة كاملة وأسوة حسنة لمن أراد الله والدارة الآخرة،

﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: ٢١)

فإذا أراد الإنسان أن يعلِّم أولاده الكرم والشجاعة وحسن الخلق على سبيل المثال، فلْيُرِهِم من نفسه كل ذلك، ليقتدوا به، وليكون لهم مثالاً يُحتَذى به، وليحذرْ كل الحذرِ أن يأمرهم بأمر يأتي بخلافه، كأن يأمرهم بالصلاة ثم يتركها، أو أن ينهاهم عن الكذب ثم يقع فيه، فإن ذلك يقود الأولاد لتعلم النفاق ويوقعهم في سوء الأخلاق.

الاعتدال بين الشدة واللين:

وهذا من الأمور التي يغفل عنها كثير من الناس، فكثير منهم ما بين مُفْرِطٍ ومُفَرِّط.

فترى البعض يفرط في اللين إلى درجةٍ تمِيع معها أخلاق الأولاد وضوابط سلوكهم، وتضمحل حواجز الأدب والطاعة، بينما ترى البعض الآخر يفرط في الشدة، فينفر منه الأولاد وتنشأ من ذلك العقد النفسية والمشاكل الاجتماعية، وكلٌّ من الإفراط والتفريط في هذا الأمر يقود في النهاية إلى فساد الأولاد ودمارهم.

عليك بأوساط الأمور فإنها
طريق إلى نهج الصواب قويم
ولا تك فيها مفرِطًا أو مفرّطًا
كلا طرفي قصد الأمور ذميم

وقد قال الشاعر:

ووضعُ الندى في موضعِ السيفِ بالعلا
مُضِرٌّ كوضعِ السيف في موضع الندى

ولا تنس ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرفق والرحمة، وفي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ) (أخرجه مسلم ٢٥٩٤)

الرحمة والعطف:

فإظهار الرحمة والعطف وإشعار الأولاد بذلك مما يُعَمِّق المحبة، ويعزز الشعور بالمودة والألفة، فعندما يؤدب الأبوان ولدهما ينبغي لهما أن يُشْعِرَا الولد بأنهما يفعلان ذلك محبةً به وشفقةً عليه، لا تسلّطا وتحكّما، وقد كان النبي ﷺ أرحمَ الناس بالصغار، فقد جاء في الحديث عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال:

(قَبَّل رسول الله ﷺ الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. فنظر إليه رسول الله ﷺ ثم قال: من لا يرحَم لا يُرحم) (متفق عليه)

فهذه بعض الإشارات إلى بعض ما ينبغي لفت النظر إليه في تربية الأولاد وتنشئتهم، ومفتاح كل ذلك اتباع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه من كمال الأخلاق وحسن المعاملة والأدب والتأديب، نسأل الله سبحانه أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في الحديث

عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال:

إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍإلَّا شانَهُ (أخرجه مسلم ٢٥٩٤)

للاطلاع على مثل هذه المقالات المفيدة ليس عليك إلا زيارة هذا الموقع

تعليقات



رمز الحماية