القواعد الأسرية | الشيخ أيمن ياسر بكار


نشرت: يوم الثلاثاء،23-نوفمبر-2021

القواعد الأسرية

تعتبر الأسرة اللّبنة التي يتكوّن منها بناء المجتمع، ممّا يعني: أنّ نجاح وقوة المجتمع بقدرِ نجاح وقوة الأُسر التي يتكوّن منها، وضعفه من ضعفها، وكذلك يكون الحفّاظ عليه بالحفاظ عليها، وإنّ تحقيق أيّ نجاحٍ وتميزٍ في الأسرة يتوقّف على وعينا بأهمِّيَّتها ودورها، وعلى قدرتنا من حيث التّخطيط والإعداد لنجاحها، من خلال القواعد والضوابط التي يجب الالتزام بها وعلى أن نكون أيضًا بمستوى هذه الأهمِّيَّة وهذا الدور، وفي هذه المقالة استعرض معكم أعزّائي القرّاء بعض القواعد والضوابط التي ينبغي أنْ تبنى عليها الأسرة.

ديننا الإسلام

نحن قومٌ أعزّنا الله بالإسلام، دينٌ ارتضاه المولى سبحانه للأنام، كما قال تعالى:

إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ. (آل عمران: ١٩)

وقال سبحانه:

وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ (آل عمران ٨٥)

فالإسلام هو حبل الله المتين الذي نتمسّك به، ونستقي منه عقائدنا وقيمنا وأخلاقنا، ومنه نأخذ أسس وضوابط علاقاتنا وتعاملاتنا على اختلافها وتنوّعها، وهذه المرجعيّة تتطلّب منا:

الالتزام بقيم الإسلام :

فديننا قيمٌ تؤسس عليه أفعالنا، وميزانٌ تعرض عليه أعمالنا، فما وافق الشرع فحسن، وما خالفه فقبيح، وفق منظومة القيم الإسلامية (الواجب، المندوب، الحرام، المكروه، المباح) فما قال عنه الشّرع واجبًا نأتي به، وما قال عنه حرامًا نجتنبه ونبتعد عنه، فننال عليهما الأجر والثواب والنجاة من العذاب، وأمّا المندوب فنأتي به على قدر استطاعتنا، وكذلك المكروه نبتعد عنه على قدر وسعنا، فنكتسب بهما الأجر مع الترقِّي في مدارج القرب، وعلى وفق هذا الميزان ينبغي أن تكون قيمنا واهتماماتنا، وأفعالنا، ومعالجة مشاكلنا.

الالتزام بهدي السلف الصالح والأولياء الصالحين:

فقد حفظ الله تعالى الدّين، فحمله خيرة خلقه من كل جيل، وهذا منذ العهد الأوّل حتى وصل إلينا، كما قال صلى الله عليه وسلم:

يحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الغالينَ وانتحالَ المبطلينَ وافتراء الغالين. (تاريخ مدينة دمشق، ٧/٣٨).

وخير هذه الأجيال هي القرون الأولى كما قال صلى الله عليه وسلم:

خيْر النّاس قرْني، ثمّ الّذين يلونهمْ، ثمّ الّذين يلونهمْ، ثمّ يجيء أقْوامٌ تسْبق شهادة أحدهمْ يمينه، ويمينه شهادته. (البخاري:٢٦٥٢)

وفي هذه القرون الخيرية الثلاثة تكوّنت معالم مذهب أهل الحق، مذهب أهل السنّة والجماعة المتمثلة بالحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فقهًا، والأشاعرة والماتريديّة عقيدةً، وطريقة الإمام الجنيد رحمه الله وما تفرّع منها تصوفًا، وعلى هذا ينبغي أن تنضبط حياتنا اليومية.

طلب العلم الشرعي:

الالتزام بالإسلام قيمًا وميزانًا، والتمسّك بهدي الأولياء والصالحين سبيلًا ومنهاجًا يتطلب منا طلب العلم حتى نتعرف على أحكام الإسلام وآدابه، ويتطلّب منا أن نعتني بالقرآن الكريم والسنن النبوية حفظًا وتطبيقًا، فعلينا أن نلتحق مع أفراد أسرنا بالدروات العلمية، والدروس الشرعية حتى نكتسب العلم وننفي عنّا وعن أهلنا الجهل، فنكون على خيرٍ وهدى.

إدراك حقيقة الدنيا:

إنّ إدراكنا لحقيقة الدنيا، وتصورنا الحقيقي لها سيحدّد طريقة تعاملنا معها، فالدّنيا فانية لا بقاء لها ولا استمرار، وبقاؤنا فيها محدود، فهي ليست منتهى آمالنا، ولا أفق تطلعاتنا، فلا نغتر بإقبالها ولا نتكبر بها، ولا نحزن لإدبارها، ولا نخضع ونذل لأجلها، ولا نحسد أحدًا عليها، ولا ننجرف في منحدر سباق الاستحواذ عليها، فالدنيا بنعيمها وأفراحها، وآلامها وأحزانها إلى زوال وفناء.

وهي دار اختبار لا دار قرار، كما قال الله تعالى:

ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ (الملك: ٢)

فالدنيا في حقيقتها مرحلة مؤقتة، وقنطرة لما بعدها، والنّجاح فيها بقدر ما نزرعه فيها من خير، وبقدر ما نعمل فيها من أعمالٍ صالحة، فما تفعله اليوم في هذه الدنيا المؤقتة له آثار وثمار دائمة، ستراها وتحصدها في الآخرة، إنّ خيرًا فخير، وإنّ شرًا فشر كما قال الله تعالى:

ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ (البقرة: ٢٨١)

فلنحرص على أن نقارن مجريات حياتنا بهذه القواعد، ولنعمل على سدّ الخلل، وإصلاح الزلل، حتى تستقيم حياة أسرنا، فننعم بسعادة الدنيا والآخرة ونكون على هدىً في اتّباع الشّريعة وسنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

تعليقات



رمز الحماية