ولو وجد ما يستر بعض العورة وجب استعماله ويستر القبل والدبر فإن لم يستر إلا أحدهما قيل يستر الدبر وقيل القبل. وندب صلاة العاري جالساً بالإيماء مادّاً رجليه نحو القبلة فإن صلى قائماً بالإيماء أو بالركوع والسجود صح, وعورة الرجل ما بين السرّة ومنتهى الركبة وتزيد عليه الأمة البطن والظهر وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها
(تنبيه) قال في الدراية لو ستر عورته بجلد ميتة غير مدبوغ وصلّى معه لا تجوز صلاته بخلاف الثوب المتنجّس؛ لأنّ نجاسة الجلد أغلظ بدليل أنّها لا تزول بالغسل ثلاثاً بخلاف نجاسة الثوب انتهى . قلت فيه نظر؛ لأنّه يطهر بما هو أهون من غسله كتشميسه أو جفافه بالهواء([1]) (ولو وجد ما يستر بعض العورة وجب) يعني لزم (استعماله) أي: الاستتار به (ويستر القبل والدبر) إذا لم يستر إلاّ قدرهما (فإن لم يستر إلاّ أحدهما قيل يستر الدبر)؛ لأنّه أفحش في حالة الركوع والسجود (وقيل) يستر (القبل)؛ لأنّه يستقبل به القبلة ولأنّه لا يستتر بغيره, والدبر يستتر بالأليتين وفيه تأمل؛ لأنّه يستتر بالفخذين ووضع اليدين فوقهما (وندب صلاة العاري جالساً بالإيماء مادا رجليه نحو القبلة) لما فيه من الستر (فإن صلّى) العاري (قائماً بالإيماء أو) قائماً آتيا (بالركوع والسجود صحّ) لإتيانه بالأركان فيميل إلى أيّهما شاء والأفضل الأوّل, ولو صلّى عارياً ناسياً ساتراً اختلف في صحّتها (وعورة الرجل) حُرًّا كان أو به رِقٌّ (ما بين السرة ومنتهى الركبة) في ظاهر الرواية سُمّيَتْ عورة لقبح ظهورها وغض الأبصار عنها في اللغة, وفي الشريعة ما افترض ستره وحده الشارع صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ½عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته¼, وبقوله عليه السلام: ½الركبة من العورة¼, (وتزيد عليه) أي: على الرجل (الأمة) القنة([2]) وأمّ الولد([3]) والمدبرة([4]) والمكاتبة([5]) والمستسعاة([6]) عند أبي حنيفة لوجود الرقّ (البطن والظـهـر)؛ لأنّ لهما مزية فصدرها وثديـها ليسا من العورة للحرج (وجميع بدن الحرة عورة إلاّ وجهها وكفيها) باطنهما وظاهرهما في الأصحّ وهو المختار,
[1] قوله: [جفافه بالهواء] في النظر نظر؛ لأنّ الغسل أهون من التشميس، ووضعه في الهواء؛ لأنّه ليس المراد مطلق تشميس ووضع بل هما مقيّدان بإزالة النتن والفساد، وقد يستغرق ذلك اليوم الكامل والأكثر بخلاف الغسل. ط.
[2] قوله: [القنة] أي: العبد المملوك هو وأبوه.
[3] قوله: [أمّ الولد] أي: الأمة التي حملت من سيّدها وأتت بولد واعترف به السيّد ولو كان الولد سقطا.
[4] قوله: [والمدبرة] أي: الرقيق الذي علّق على موت سيّده.
[5] قوله: [والمكاتبة] أي: الرقيق الذي تمّ عقد بينه وبين سيّده على أن يدفع له مبلغاً من المال ليصير حراً.
[6] قوله: [المستسعاة] أي: التي أعتق بعضها وهي تسعي إلى إعتاق الباقي. ("رد المحتار"، باب في شروط الصلاة، ٣/١٤)