بلا كراهة على الأصح ويتنفل راكبا خارج المصر موميا إلى أي جهة توجهت دابته وبنى بنزوله لا ركوبه ولو كان بالنوافل الراتبة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه ينزل لسنة الفجر لأنها آكد من غيرها
ملزم فأشبه النذر ولأبي حنيفة أنّ نذره ملزم صلاة مطلقة وهي الكاملة بالقيام مع جميع الأركان والشروع لا يلزمه إلاّ صيانة النفل وهي لا توجب القيام فيتمّه جالساً (بلا كراهة على الأصحّ)؛ لأنّ البقاء أسهل من الابتداء وابتداؤه جالساً لا يكره فالبقاء أولى, وكان صلّى الله عليه وسلّم يفتتح التطوّع ثمّ ينتقل من القيام إلى القعود ومن القعود إلى القيام روته عائشة رضي الله عنها (ويتنفّل) أي: جاز له التنفّل بل ندب له (راكباً خارج المصر) يعني خارج العمران ليشمل خارج القرية والأخبية بمحلّ إذا دخله مسافر قصر الفرض وسواء كان مسافرا أو خرج لحاجة في بعض النواحي على الأصحّ, وقيل إذا خرج قدر ميل, وقيل إذا خرج قدر فرسخين جاز له وإلاّ فلا, وعن أبي يوسف جوازها في المصر أيضاً على الدابة (مومياً إلى أيّ جهة) ويفتتح الصلاة حيث (توجهت) به (دابته) لمكان الحاجة ولا يشترط عجزه عن إيقافها للتحريمة في ظاهر الرواية لقول جابر: ½رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي النوافل على راحلته في كلّ وجه يومئ إيماء ولكنّه يخفض السجدتين من الركعتين¼, رواه ابن حبان في صحيحه, وإذا حرّك رجله أو ضرب دابته فلا بأس به إذا لم يصنع شيئاً كثيراً (وبنى بنزوله) على ما مضى إذا لم يحصل منه عمل كثير كما إذا ثنى رجله فانحدر؛ لأنّ إحرامه انعقد مجوزاً للركوع والسجود([1]) عزيمة بنزوله بعده فكان له الإيماء بهما راكباً رخصة, وبهذا يفرق بين جواز بنائه وعدم بناء المريض بالركوع والسجود وكان موميا؛ لأنّ إحرام المريض لم يتناولهما لعدم قدرته عليهما فلذا (لا) يجوز له البناء بعد (ركوبه) على ما مضى من صلاته نازلاً في ظاهر الرواية عنهم؛ لأنّ افتتاحه على الأرض استلزم جميع الشروط, وفي الركوب يفوت شرط الاستقبال واتحاد المكان وطهارته وحقيقة الركوع والسجود (و) جاز الإيماء على الدابة و (لو كان بالنوافل الراتبة) المؤكّدة وغيرها حتّى سنّة الفجر (و) روي (عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنّه ينزل) الراكب (لسنّة الفجر؛ لأنّها آكد من غيرها) قال ابن شجاع رحمه الله يجوز أن يكون هذا لبيان الأولى يعني أنّ الأولى أن ينزل لركعتـي الفـجر كـذا في
[1] قوله: [للركوع والسجود] إيضاحه أن يقال: إنّ بناء بعض الصلاة على بعض عند الاختلاف إنّما يجوز إذا تناولتهما تحريمة واحدة. وأمّا إذا لم يكونا كذلك فلا يجوز إذا ظهر هذا فتحريمة الراكب انعقدت مجوزة للإيماء راكباً وللركوع والسجود بتقدير النزول، فكان ما صلّى بالإيماء وهو راكب وما يصلّي بعد النزول بركوع وسجود داخلين تحت تحريمة واحدة فجاز بناء أحدهما على الآخر، وإحرام النازل انعقد موجباً للركوع والسجود فقط فلم يتناول الإيماء راكباً فلا يصحّ بناؤه عليه. ط. ١٢