ثمّ المياه على خمسة أقسام: طاهر مطهّر غير مكروه وهو الماء المطلق، وطاهر مطهّر مكروه وهو ما شرب منه الهرّة ونحوها وكان قليلاً، وطاهر غير مطهّر وهو ما استعمل لرفع حدَث أو لقربة
في هذه المياه للتعريف لا للتقييد, والفرق بين الإضافتين: صحة إطلاق الماء على الأوّل دون الثاني, إذ لا يصحّ أن يقال لماء الورد هذا ماء من غير قيد بالورد بخلاف ماء البئر لصحّة إطلاقه فيه (ثم المياه) من حيث هي (على خمسة أقسام) لكلّ منها وصف يختصّ به أوّلها (طاهر مطهّر غير مكروه) وهو الماء المطلق([1]) الذي لم يخالطه ما يصير به مقيّدا (و) الثاني (طَاهِر مُطَهِّر مكروه) استعماله تنزيهًا على الأصحّ (وهو ما شرب منه) حيوان مثل (الهرّة) الأهلية, إذ الوحشية سؤرها نجس, (ونحوها) أي الأهلية, الدَّجاجة المخلّاة وسباع الطير والحية والفأرة؛ لأنها لا تتحامى عن النجاسة, وإصغاء النبّي صلّى الله عليه وسلّم الإناء للهرة كان حال علمه بزوال ما يقتضي الكراهة منها, إذ ذاك([2]) (و) الذي يصير مكروها بشربها منه ما (كان قليلاً) وسيأتي تقديره (و) الثالث (طاهر) في نفسه (غير مطهّر) للحدث بخلاف الخبث (وهو ما استعمل([3])) في الجسد أو لاقاه بغير قصد (لرفع حدث أو) قصد استعماله (لقربة([4]))
[1] قوله: [وهو الماء المطلق] وظاهر كلامه يفيد تخصيص هذا الماء بالماء المطلق وذلك ليس بسديد على ما في الفتاوى الرضوية حيث قال فيه: والنجس لا يؤثّر في تغيير ذات الماء كما مرّ منّا تحقيقه أنّ الماء النجس والمستعمل من الماء المطلق وإنما يسلبه وصف الطهارة. ("الفتاوى الرضوية") المخرجة، ٣/١٧١. ١٢
[2] قوله: [إذ ذاك] أي: وقت الإصغاء. ط. ١٢
[3] قوله: [وهو ما استعمل] اعلم أنّ الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن بين مسائل الماء المستعمل وتعريفه الجامع المانع المشتمل على كثير الفوائد في المجلد الثاني صـ٤٣ حيث قال بنفسه عنه "هذا بعونه تعالى على كلا المذهبين حدّ جامع مانع ولا تجده في غير هذه السطور". وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ١٢
[4] قوله: [لقربة] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: ثمّ أقول تحقيق المقام على ما علّمني الملك العلاّم أنّ ليس كلّ ما جعل قربة مغيرًا للماء عن الطهوريّة بل يجب أن يكون الفعل المخصوص الذي يحصل بالماء أوّلا وبالذات قربة مطلوبة في الشرع بخصوصه ومرجعه إلى أن تكون القربة المطلوبة عيناً لا تقوم إلاّ بالماء, إذ لو جاز أن تحصل بدونه لكان لتحقّقها موارد، منها ما يحصل بالماء ومنها غيره, فما يحصل بالماء أوّلا وبالذات لا يكون مطلوبًا بعينه بل محصلاً لمطلوب بعينه, فيتحصّل أن يكون نفس إنفاق الماء في ذلك الفعل مطلوباً في الشرع عيناً, إذ المطلوب عيناً لمّا لم يحصل إلاّ به كان أيضاً مطلوباً عيناً كالمضمضة والاستنشاق في الوضوء والتثليث فيه, وفي الغسل ولو للميّت. وفي مقام آخر: فلا يكون الماء مستعملاً من غسل ثوب الأبوين من الوسخ والثمار من الغبار لأكلها, وأحجار فرش المسجد للتنظيف إلى غير ذلك فما من مباح إلاّ ويمكن جعله قربةً بنيّة محمودة كما لا يخفى على عالم علم النيّات. ("الفتاوى الرضوية"، المخرجة، ٢/٥٣-٥٩، ملتقطاً)