عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

ويتألّف أهلَ الشَّرَف بالبِرّ لهم. يَصِل ذوي رَحِمه من غير أن يُؤْثرهم على مَنْ هو أفضلُ منهم، لا يَجْفُوْ على أحد، يَقْبَل مَعْذِرة الْمُعتذر إليه، يَمْزَح ولا يقول إلاّ حقّاً، يَضْحَك من غير قَهْقَهَة.

أيها المسلمون: وما شَتَم رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم أحداً من المؤمنين، وما لَعَن امرأة قطّ ولا خادماً، وما ضرب بيده أحَداً قطّ إلاّ أن يَضْرِب بها في سبيل الله تعالى، وما انتَقَم من شيء صُنِعَ إليه قطّ، إلاّ أن تنتهك حرمة الله، وما خيّر بين أمرين قطّ، إلاّ اختار أيْسرَهما، إلاّ أن يكون فيه إثْمٌ أو قَطيعةُ رَحِم، فيكون أبعَد الناس من ذلك، وما كان يأتيه أحد حرّ أو عبد أو أمَة، إلاّ قام معه في حاجته.

وكان من خُلُقه أن يَبْدأ من لقيه بالسلام، وكان لا يقوم، ولا يجلس إلاّ على ذكر الله، وما رُؤي قطّ مادّاً رِجْليه بين أصحابه، حتّى لا يضيق بهما على أحَد، إلاّ أن يكون المكان واسعاً لا ضيق فيه، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة وكان يُكْرِم من يدخل عليه، حتّى ربّما بسَط ثَوْبه لمن ليست بينه وبينه قرابة ولا رضاع، يجلسه عليه، وكان يُؤثر الداخل عليه بالوِسادَة التي تحته، فإن أبَى أن يَقْبَلها عَزَم عليه حتّى




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259