فَكِّر بطريقةٍ إيجابيّةٍ | الشيخ محمد عمران العطاري


نشرت: يوم الخميس،07-أبريل-2022

فَكِّر بطريقةٍ إيجابيّةٍ

قبل عدة أيامٍ كنّا نحاول الاتصال هاتفيّا بشخصٍ مّا، ولكنه لم يردّ، فخطر ببالي على الفور أنّه قد يكون يسوق السيارة أو مشغولاً..، ظهورُ مثل هذه الفكرة أو الخاطر في القلب ليس إلا بفضل الله تعالى وكرمه، وبفضل الصحبة الصالحة والارتباطِ بمركز الدَّعوة الإسلاميَّة، وتربية شيخنا العلامة المربّي الداعية الإسلامي محمد إلياس العطّار القادري حفظه الله تعالى، وإلا لا يُستبعَد أن يخطر في بالي أنّ فلاناً لا يردُّ متعمّدًا ، ولْنفترض أنه خطر ببالي مثل هذه الفكرة السلبيّة في ذلك الوقت، ثم أظهرتُها للناس فقد ظلمت ذلك الشخص؛ لأنني لا أملك دليلا على ذلك سوى التخمين والظنّ.

أحبتي الأعزّاء! عندما نتصلُ بشخصٍ مّا أو نُرسل إليه رسالةً عبر واتساب أو بأيّ طريقة كانت ثم لا نجد الردّ، فتخطُر في أذهاننا أفكارٌ سلبيّةٌ كثيرةٌ مثلاً: لماذا لا يستقبل الاتّصال؟ يا تُرى لماذا لا يرُدُّ على مكالمتي! ولعلّه كذا وكذا، وفي مثل هذه الحالات نرى بعض الناس يُهاجمون أعراض بعضٍ بشكل مباشر أو غير مباشر، ويتعرَّضون لكرامتهم من خلال أفكار وكلماتٍ سلبيّةٍ مختلفةٍ بينما التعليمات الإسلامية تمنع من هذه الأشياء وتأمرنا بحسن الظنّ بالآخرين والتماس العذر لهم، وكذا عندما تَدُقّ جرسًا أو تَقرع بابَ منزلٍ، ولا يرُدُّ عليك أحدٌ من الداخل، فماذا يتبادر لذهنك حينها؟

هل تفكّر إيجابيًّا أم سلبيًّا؟ ولا تنسَ أنّ الفكرة السلبيّة بدون قرينة ليست علامةً على الخير، وهي تدلّ على قذارة القلب. قال العلماء الأعلام رحمهم الله تعالى: إنما ينشأ الظن الخبيث من القلب الخبيث.

أتساءل، كيف يدعي الإنسانُ أنه من عباد الله الصالحين مع أن قلبه مملوء بالقذارة؟ أو الخباثة!؟ مع أن الإسلامُ يحثُّ أتباعه على الإحسان إلى الناسِ، وبذلِ المعروف، والمسارعة للخيرات، وحسن الظنّ بهم في نطاق الشريعة الإسلامية، وللأفكار الإيجابية فوائدُ دُنيويّة لا تُحصى فضلاً عن الفوائد الدينيّة الكثيرة، فعلى سبيل المثال: إن من يُفكر إيجابيًّا قَلَّ أن يُصاب بالضغوط النفسية، وإن أصيبَ بها فتوتُّره يبقى خفيفًا مُقارنة مع الآخرين، وذلك بسبب التفكير الإيجابي، وسيَتخلّص من الارتباك الذهني سريعًا، وكذا يكون عنده جهازُه المناعي أفضل من الآخرين، ويقضي حياتَه سعيدًا، وعلى عكس ذلك لو كان المرءُ يؤذي الآخرين أو يُسيء الظنَّ بهم أو كان متعوِّدًا على التفكير السلبي تجاههم فإنه يتكبَّد خسائر دنيويّة كثيرة بالإضافة إلى خسائر دينية لا تُحصى، كأن يعاني من الاكتئاب، والتوتّر، والقلق، وأحيانًا من ارتفاع نسبة السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم، والأرق، والعديد من الأمراض الأخرى، الأفكارُ السلبيّة تُسبب الحقد، والكراهية بين الناس حتى الإخوة والأخوات، وتَجلِبُ الضغينةَ بين أفراد الأسرة، وتجعلهم يتعاركون مع بعضهم، وتؤدي بهم إلى فقدان الثقة بين الأقارب والأرحام والأصدقاء، ويَنشأ عنها الخلافات بين الزوج والزوجة وربما انتهى الأمر في نهاية المطاف إلى الطلاق، جاء في تفسير صراط الجنان: الذين يحملون الأفكار السيئة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية، وأمراض القلب كما قالت جمعية القلب الأمريكية في إحدى الدراسات: إن الأشخاص الذين يحملون مواقف عدائية تجاه الآخرين يُعانون من الاكتئاب والغضب أكثر من الآخرين، ويزداد خطرُ الإصابة عندهم بأمراض القلب والشلل النصفي بنسبة 86%.

في الحقيقة عقولُ الناس متعاكسة في التفكير، فلو أحسنَ إليهم أحدٌ يبحثون في الإحسان عن نقاط المساوئ، ويَستمرون في التفكير السلبي مهما حدث، وبسماعهم الكلام وأيَّ كلامٍ.. يشتغل تفكيرهم السلبي تلقائيا، ولا يَهمُّهم أن يكون الكلام في حقهم أو ضدّهم أو في حق أحد من الناس.

أيّها الإخوة الأكارم! ركِّزوا على عيوبِكم، ونقاطِ ضعفكم، وفكّروا في كيفيّة التغلُّب عليها بدلا من التفكير السلبيّ، فإنه لا يُجدي شيئًا، يقول أحد الخبراء النفسيين في المملكة المتحدة: إنّ سببَ معظم المرضى الذين يعانون من مشاكلِ الصحّة العقلية يرجع إلى أفكار سلبية، أكبرُ مشاكلهم أنهم يتذكَّرون فقط المواقفَ السلبيّة التي تحدُث في حياتهم، ويَقضون مُعظم أوقاتهم في التفكير بتلك الأشياء، وفي نهاية المطاف يتعرَّضون للتوتر، والاكتئاب، والقلق، والاضطرابات العصبية، والجنون، وعند معالجة هؤلاء الأشخاص يحاول الأطبّاءُ تغيير نمط حياتهم، وطريقة تفكيرهم قبل وصف الدواء لهم، حتى يتمكّنوا من فهم أنفسهم، والخبراءُ يُقدمون لهم النصائح ويؤكدون على تحسين أوضاع الحياة أمام أنفسهم، ويساعدوهم على أن يتذكروا الأعمال الجيدة لهم والبطولات والمفاخر والشجاعة حتى تذوب تلك الأفكارُ السلبية، وهذه هي أفضل طريقةٍ للانتقال من التفكير السلبيّ إلى التفكير الإيجابيّ، وهو يُساعد على التحسّن سريعًا بالنسبة لصحّة المريض، الإسلامُ دين الفطرة والتفاؤل، وهو جميلٌ في عقيدته وأعماله، يأمرنا بأن نكون إيجابيّين متفائلين، ونفكّر بإيجابيّة في كلّ مرحلة من مراحل الحياة، بل جعل مثل هذا التفكير عبادة، ولذلك حاولوا جميعًا أنْ تحسنوا الظنَّ بالمسلمين في أقوالهم، وأفعالهم، وابتعدوا عن سوء الظن بهم، سرائر الناسِ لا يعلمُها إلا الله، وكذا أحسِنوا الظنَّ بخالقكم العلي القدير، حسن الظن بالله عبادة، وهو جواد، كريم، رؤوف بالمخلوق، ورحيم، لا يفعل إلا ما هو خير لهم، والرسول ﷺ قال:

"حسن الظن من حسن العبادة".

قال المفتي أحمد يار خان النعيمي رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث: إنّ لهذا القول المبارك عدة معان:

الأول: الرجاء من الله تعالى بحسن الظن به عبادة من أحسن العبادات.

الثاني: الرجاء من الله تعالى لا يحصل إلا بالعبادة الحسنة، من يعبده ينل هذا الرجاء.

الثالث: فالتأمل من الله تعالى بحق العبادة، والأملُ منه بدون عبادة حماقة، وذلك كمن يتوقَّع حصادَ القمح بزرع الشعير.

الرابع: حسن الظنَّ بعباد الله تعالى، وترك سوء الظن بهم.

بالإضافة لذلك يمكن أن يكون هناك معانٍ أخرى لهذا الحديث، وعلى سبيل المثال فإن حسن الظن بالمسلمين يحصل بالعبادة الحسنة، ومن سمات العابد أنه يحسن الظنّ بالمسلمين، والشريرُ يعتبر الآخرين شريرين.

الرجاءُ من جميع الإخوة والأخوات، أن يفكّروا تجاه الآخرين تفكيرًا إيجابيًّا لنتجنَّب الأضرار الدينية والأخروية، وعليهم أن يُربُّوا أولادَهم، ويَنصحوا كلَّ من حولهم في ذلك، ويرتبطوا بصحبةٍ صالحة مثل مركز الدعوة الإسلاميّة ارتباطًا وثيقًا، والمركز يُركّز على الأفكار الإيجابيّة تركيزًا أساسيا، ويُشجِّع المرتبطين به عليها، لذلك احرصوا الطاعات مع التعظيم لله تعالى وكثرة ذكره في الخلَوات والجلَوات واتركوا المخالفات والسيئات، وبادروا في السفر مع القوافل الدعوية، وشاركوا في الاجتماعات، والمذاكرات، ومتابعةِ قناة مدني، ولا تنسوا شراء كلّ إصدار جديد من مجلّة "نفحات المدينة"، وقراءتِه بانتظام، فكل هذه الأمور وسائل طيبة لتجنّب الأفكار السلبية، أسأل الله تعالى لكم التوفيق.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مركز_فيضان_المدينة
#مؤسسة_مركز_الدعوة_الإسلامية

تعليقات



رمز الحماية