كيف تقوّي علاقتك بأبنائك؟ | عبد الله المدني


نشرت: يوم الخميس،19-يناير-2023

كيف تقوّي علاقتك بأبنائك؟

العائلة هي المدرسة التربوية الأولى للطفل، وفيها ينشأ الطفل ويفتح عينيه في أحضانها حتى يكبر ويستطيع الاعتماد على نفسه، ومن ثَمَّ يلتحق بالمحطة التربوية الثانية ألا وهي المدرسة.

فالطفل في سنواته الأولى يكون سهل التأثر بمن حوله، فإما أن تكون نشأته وتربيته سليمة نفسيًّا وإما أن تكون مليئة بالاضطرابات النفسية (Mental Disorders) وذلك حسب البيئة التي يجدها الطفل في منزله، وبالتالي تجد تفكُّكًا في الأسر (Family Breakdown) وحتى ضعفًا في العلاقات بين الوالدين والأبناء.

ولتقوية العلاقات الأسرية وترابطها ينبغي للوالدين القيام بتكوين علاقات خاصّة فردية مع كل واحد من الأبناء، وعلاقات أسريّة على شكل جماعي لكل أفراد الأسرة بعضهم مع بعض، وقضاء الوقت مع العائلة وخاصة مع الأبناء هو من أفضل الطرق التي ستساعد في تكوين الألفة والمحبّة فيما بينهم.

إعطاء الوقت لتربية الأبناء موضوع مهمّ للغاية، لا يكاد أحد يجهل أهميته؛ لأنّ الأبناء أمانة من الله تعالى في أعناق الوالدين، والتفريط في هذه الأمانة قد يُوجب استحقاق العقاب من الله سبحانه وتعالى.

لكن المشكلة تكمن في أنّ هناك عددًا من الآباء يتعذَّرون بأنهم لا يجدون وقتًا لتربية أولادهم بسبب كثرة أعمالهم ومشاغلهم، ثم تظهر النتيجة أن أحدهم يقول:

"إنّ ابني لا يحبني؛ لأنّي لم أهتم به جيدًا، وماذا عليّ أن أفعل؟!"

بينما يقول الآخر: "إنّ غيابي عن ابني سبّب فجوة عاطفية بيني وبينه".

هناك أمثلة عديدة لمثل هذه المشاكل التي يعيشها مجتمعنا بين الحين والآخر والتي قد تكون لها عواقب سيئة (Bad Consequences) على الوالدين في المستقبل أي: في مرحلة شباب أبنائهم، ككره الأبناء لهم، وعدم احترامهم ومحبتهم وغيرها الكثير من العواقب السيئة.

من ثَم تكون العلاقات بينهم متوتّرة ومتأزّمة بسبب الإهمال من شأنهم وعدم إعطائهم الوقت الكافي أو حتى تجاهلهم في الصغر.. لأيّ أسباب كانت.. لذلك سأحاول أن أعرض في هذا المقال المختصر بعض الطرق والاقتراحات التي تساعد على قضاء وقت سعيد مع الأبناء.

هناك حقيقة لايمكننا تجاهلها.. "حياة بسيطة يعيشها الأطفال بجانب والدهم ... أفضل بكثير من الحياة المرفّهة التي يعيشونها بعيدًا عنه".

فحاول ألاّ تنشغل عن ابنك خاصة في فترة مراهقته (Teenage)؛ لأنّه يبحث عمن يلبّي احتياجاته، ولكيلا يتركك ويلجأ لأصدقائه في تكوين عالم خاصّ به بعيدًا عن أسرته، فهنا يجب الاهتمام من أجل إشباع رغباته باستخدام البدائل إيجابيًّا، كتشجيعة على تعلّم القرآن الكريم وكذلك علوم ومهارات أخرى تفيده في حياته.

طرق ووسائل لقضاء وقت ممتع مع الأبناء بسهولة:

1. اغتنام فترة تناول الطعام مع الأسرة:

فترة تناول طعام الغداء أو العشاء من أهم الفترات التي تجتمع فيها الأسرة كلها وتتحدّث بالأحاديث والمواقف التي تمرّ بهم خلال اليوم، وهنا ينبغي للوالد أن يغتنم هذه الفرصة بالتحدّث مع أبنائه، فيستمع إلى كل واحد منهم، ويسألهم عن أحوالهم ومواقفهم، فيُلمَّ بأخبارهم ويكون على تواصل معهم، وأثناء سردهم للمواقف يعبّر لهم عن فرحه واهتمامه بهم.

2. الاستفادة من أوقات التوصيل للمدرسة:

هذا الوقت من أجمل الأوقات التي تتوفّر للوالد يوميًّا على العموم، وكذلك عند الذهاب والإياب بهم للمدرسة، فينبغي له أن ينتهز هذه الفرصة بنفسه بتوصيل ابنه للمدرسة وإعادته للبيت إنْ تيسّر له، ليزيد من التواصل والترابط معهم، حيث يمكنه تعليم ابنه شيئًا ما بشكل يومي خلال هذا الوقت.

3. اغتنام العطلة الأسبوعية (Weekend) أو الرحلات الأسبوعية:

عطلة نهاية الأسبوع من أهمّ الأوقات التي ينبغي على الوالدين أن يستفيدوا منها لتربية أبنائهم وتهذيب سلوكهم وأخلاقهم، فيمكن للوالد أن يجهّز برنامجًا للخروج العائلي، فإنّ الرحلة هي وسيلة لبثّ القيم التربوية والأخلاقية، والحديث عن التقاليد والآداب الإسلامية، كما هي وسيلة مهمّة في زرع الحب الأبوي في قلوبهم.

4. زيارة الأقارب والأرحام بمصاحبة الأبناء:

من أجمل الطرق للاستفادة من عطلة نهاية الأسبوع زيارة الأقارب والأرحام، حيث تسنح للأبناء فرصة اللقاء مع جدّهم وجدّتهم أو عمّاتهم أو خالاتهم أو غيرهم من الأقارب، وبهذه الطريقة يحصل الأب أيضًا على فرصة لقضاء وقت ممتع مع أبنائه، كما يمكنه تعليمهم آداب الزيارة وفضائل صلة الأرحام وفوائدها، أما الفائدة الأخرى لهذه الزيارة فهي تكون سببًا لتوثيق المودّة وتأليف القلوب وتقوية الروابط مع الأقارب وزيادة التماسك الاجتماعي (Social Cohesion) بإذن الله تعالى.

5. اصطحابهم للمسجد لأداء الصلاة:

من أهم الأوقات التي يُطَالب الأب بالاستفادة منها هي: وقت الصلاة في المسجد، فينبغي للأب أن يصطحب أبناءه المميِّزين (Conscious Children)، ليستمتعوا بصحبته ورفقته، ويتعوّدوا على الصلاة وقراءة القرآن والدعاء ويتنشّؤوا على حبّ هذه الأجواء الإيمانية الطيبة التي يجتمع المسلمون فيها لعبادة الله تعالى، وهنا يمكنه تعليمهم أيضًا آداب المسجد وفضائله وتوجيههم إلى عدم التشويش على المصلّين أو العبث في هذا المكان الذي هو أحبّ الأماكن إلى الله تعالى.

6. تعويدهم على قراءة الكتب النافعة وخاصة القرآن الكريم:

تعويد الأبناء على القراءة من الأمور التي تُسهّل وصول المعاني التربوية إليهم، فينبغي للأب أن ينتقي كتابًا نافعًا ومناسبًا لكلّ من أبنائه الذين يستطيعون القراءة، ثم يتناقش معهم في محتواه كل أسبوع، وبهذا يتمّ توثيق العلاقة بينهم، أمّا تعويدهم على قراءة كتاب الله عزّ وجلّ فهو سببٌ هامّ في بثّ روح الإحسان إلى الوالدين في قلوبهم وتأصيل الأخلاق الراقية في نفوسهم؛ لأنّ القرآن الكريم هو المنبع الأساسي للتربية الحسنة والنجاح الحقيقي في الدنيا والآخرة.

توجيهات مفيدة تساعدك على تجاوز الفجوة العاطفية (Emotional Gap) بينك وبين أبنائك

• قبل الخروج للعمل وعند العودة ارسم الابتسامة على وجوههم، واسألهم عن حالهم، واحتضنهم وقبّل الصغار منهم، هذا ما يساعدك على احتوائهم بالمشاعر والعواطف.

• اجلس بالقرب منهم، واستمع لهم باهتمام دون أن تقاطعهم، وحاول أن تقصّ عليهم ولو بشكل أسبوعيّ قصّة من قصص القرآن الكريم أو غيرها من القصص الإسلامية الأخرى، لينمو في قلوبهم حبُّ الإسلام وشعائره، وتزداد لديهم الرغبة في الحصول على مزيد من المعلومات الدينية والثقافية، وبذلك يتمّ إشاعة جوّ الحبّ والحنان في الأسرة كما ستتكوّن بيئة راسخة محبّة للتعليم والتربية الحسنة.

• قم بإعطاء هدية مناسبة لصاحب المواقف الأخلاقية الرفيعة من أبنائك، ومكافأته أمام الآخرين وهذا سيُوقظ في نفوسهم نزعة المنافسة الأخلاقية (Ethical Competition) التي تجعل كل طفل يحاول تحسين أخلاقه، وانصحهم أيضًا بتجنّب العيوب الأخلاقية (Moral Defects) مثل: الحسد والحقد والضغينة وغيرها ليبقى جوّ المحبّة بينهم، وفي هذا الصدد تستطيع زوجتك التعاون معك، وبذلك تظهر أمامهم أنّك تعاملهم وتتابعهم جيّدًا.

• امنح ابنك الأكبر مكانة خاصة بين أولادك الآخرين، بحيث تخبره عن بعض أعمالك ووظيفتك أو حرفتك وصناعتك، وتحدّث معه عن مشاكلك فيها، واستشره من حين لآخر، وحمِّله بعض المسؤوليات التي يستطيع القيام بها، وكلُّ ذلك إن كان ممكنًا لك مع مراعاة سِنّه ليصبح رجلاً في مستقبله.

محطة ممتازة لتربية أطفالك (An Excellent Place To Raise Your Children)

إليك بعض الاقتراحات والتوجيهات الّتي آمَل أن تكون مفيدة في تربية أبنائك، ولأجل تنشئتهم على المنهج الإسلامي الصحيح القويم قم بتعريفهم على البيئة الصالحة والصحبة النافعة مثل بيئة مركز الدعوة الإسلامية حيث يمكنك تعليمهم القرآن الكريم والمبادئ الإسلامية في "مدرسة المدينة" (Madrasa-tul-Madina) لتعليم القرآن الكريم والمدارس الخاصة التابعة لها المعروفة بـ"دار المدينة" (Dar-ul-Madinah) والدراسات الشرعية الإسلامية في المعاهد الشرعية المسمَّاة بـ"جامعات المدينة" (Jamia-tul-Madina) التابعة للمركز، كما يوفِّر المركز نظام التعليم عبر الإنترنت (Online Education System) أيضًا، ولذلك تمّ إنشاء قسم متكامل يُسمَّى: بـــــ "أكاديمية فيضان للدارسات الإسلامية عن بعد" (Faizan Online Academy) حيث يمكنك أنت وأبناؤك في نفس الوقت تلقّي دورات وتخصُّصات شرعية مختلفة ومتنوّعة.

نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لبذل جهودنا وطاقاتنا لتربية أبنائنا وفلذات أكبادنا التربية الإسلامية الصحيحة، وأن يجعلهم صالحين متمسّكين بالكتاب والسنّة، وأن يُقرَّ أعيننا بصلاح أمر دينهم ودنياهم، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية