زيارة الأقارب فرصة رائعة للتعارف والتواصل | الشيخ محمد عمران العطاري


نشرت: يوم الخميس،04-أبريل-2024

زيارة الأقارب فرصة رائعة للتعارف والتواصل

ذكريات الزيارات العائلية في العيد

في طفولتنا، كان والدي رحمه الله يأخذني أنا وأخي الأكبر رحمهما الله معه إلى بيوت أقاربنا بمناسبة عيد الفطر.

في البداية، كان يملك دراجة، فكان يذهب بنا بها إلى أقاربنا، ثم بعد فترة اشترى دراجة نارية، فصار يأخذنا بها، وأخيرًا، اشترى سيارة، فاستمرت زيارة أقاربنا في الأعياد بهذه الطريقة حتى كبرنا، وبزيارة الأقارب نتعرف على بعضنا ونتواصل، ونعرف أقاربنا وتتمكّن في قلوبنا الصلة عند كل مناسبة هامة.

إخوتي الأعزاء! هذه أوامر ديننا المبارك الذي وجّهنا لأن نتعرف على الأقرباء، فقد قال خاتم النبيين ﷺ:

تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال، منسأة في الأثر. (سنن الترمذي: 3/394، (1986))

مراد كلمة "الأنساب..." في الحديث:

الآباء، والأجداد، والعمات، والخالات، وغيرهم من ذوي القربى. (مرقاة المفاتيح: 8/667، (4934))

كتب الملا علي القاري رحمه الله في شرح الجزء الأول لهذا لحديث: تعرفوا أقاربكم من ذوي الأرحام ليمكنكم صلة الرحم".

وسطّر المفتي أحمد يار خان النعيمي رحمه الله في شرح هذا الحديث وقال: تعلموا أقارب أجدادكم وأقارب آباء أمهاتكم، وتعرفوا قرابتكم منهم حتى تؤدوا حقوقهم مع مراعاة مراتبهم في القرابة، فإن لم تعرفوا أقاربكم فكيف تحسنوا إليهم؟. (مرآة المناجيح للمفتي أحمد يار خان النعيمي: 6/530)

كتب المفتي أمجد علي الأعظمي رحمه الله تعالى: "معنى صلة الرحم" أي: الإحسان إلى ذوي الأرحام، والأمة كلها متَّفقة على أن صلة الرحم واجبة، وقطعها حرام.

ومن مظاهر صلة الرحم:

1- تقديم الهدايا لهم.

2- ومساعدتهم إذا احتاجوا المساعدة منكم في شيء.

3- والسلام عليهم.

4- وزيارتهم والسؤال عن حالهم.

5- مجالستهم والحديث معهم، ومعاملتهم بلطف وشفقة.

(وكتب أيضًا):

صلة الرحم ليست مجرد تبادلٍ للمشاعر والهدايا بأن تحسن إلى أقاربك فقط إن أحسنوا إليك فحسب، وهذا الشيء في الحقيقة بدل أنه أرسلوا إليك شيئًا فأرسلت إليهم، وأتوا إليك فذهبت إليهم، وإن صلة الرحيم هي أن يقطعوا ويريدوا الانفصال والإهمال عنك ولكنك تصل وتحترم وتراعي حقوقهم. (بهار شريعت للمفتي أمجد علي الأعظمي: 3/16، 558 – 560، مختصراً)

ومهما كان الأمر فعلينا أن نحسن إلى جميع أقاربنا حسب مراتبهم في القرابة، قال رسول الله ﷺ:

مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمُدَّ اللهُ في عُمْرِهِ وَيُوَسِّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيَدْفَعَ عَنْهُ مَيْتَةَ السُّوءِ فَلْيَتَّقِ اللهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. (المستدرك للحاكم: 5/222، (7360))

الحرمان من هذه العادة

كثيرة هي الأمم المحرومة من هذه العادة الجميلة والنعمة العظيمة، أي: أنهم محرومون من حلاوة العلاقات ومن حنانها، ولكن من المؤسّف بأن الكثير من شعوبنا الإسلامية كما نسوا حضارتهم وقيمهم الإسلامية في كثير من الأمور فقد نسوها في الحبّ والمودّة مع الأقرباء.

فمعشر شباب اليوم لا يعرفون من أقاربهم إلا قليلا، وأحيانًا تمر بهم الشهور دون محادثة معهم، أو سؤال عنهم أو استفسار أحوالهم، وكثير من الناس لا يشاركون أقاربهم حتى في المناسبات الهامة كعيد الفطر وحفلات الزفاف، فضلا عن زيارتهم في الأيام العادية، خاصة عندما يعيش الأقارب حياة الفقر والعوز فالناس يخجلون من الذهاب لبعضهم أو الدعوة إلى منازلهم.

والبعض بحجة الانشغال في أمور الحياة.

كثير من الناس اليوم لا يعرفون العديد من أفراد أسرهم إلا العلاقات الخاصة، وليس لديهم أي اتصال بهم، في حين أن الكثير في مجتمعنا يقطعون الأرحام لأسباب تافهة بدلاً من صلتها، ومن ثم لا يكتفون بقطع المكالمة معهم بل يجبرون أقاربهم الآخرين على المقاطعة وإلا سوف نقاطعكم أيضًا، مع أن الرحم للوصل، لا للقطع.

تدبّروا في أقوال الرسول ﷺ:

* الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ. (صحيح مسلم: 1062، (6519))

* إن الرحمة لَا تَنْزِلُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ. (الأدب المفرد للبخاري: 63)

أخيرًا! أطلب من كل مسلم ومسلمة! أن تتعرفوا على أقاربكم وتواصلوا معهم وتؤدوا حقوقهم، واجعلوا أولادكم أيضًا يصلونهم، ويسعوا في صلة الأرحام لا قطعها.

وفقنا الله الكريم لأن نتعرف على أرحامنا لنؤدّي حقوق ذوي القربى ونحافظ على علاقتنا مع بعضنا، آمين بحرمة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية