الخطوة الأولى نحو الإيمان بالله تعالى | إدارة الشؤون العربية


نشرت: يوم الثلاثاء،31-ديسمبر-2024

الخطوة الأولى نحو الإيمان بالله تعالى

الإسلام والإيمان هو السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، لأنه دين الفطرة الذي يلبي كل احتياجات الإنسان النفسية: الجسدية والروحية، المادية والمعنوية، الدنيوية والأخروية، ويحقق للإنسان الطمأنينة والسلام، لأنه دين العدل والسلام والرحمة والأمان، وهو دين التسامح والمودة، والإخاء والمحبة، وهو طريق النجاة في الدنيا والآخرة، وهو الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده، قال تعالى:

وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ (المائدة: 3)

والإسلام هو الخضوع والانقياد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، والاستسلام لأوامره بالقبول والطاعة، والإسلام هو الإيمان بالله ورسوله ﷺ والعمل الصالح، وهو كالشجرة التي لها جذور وأوراق، فكما أن جذور الشجرة هي التي تغذيها وتجعلها تنمو، فكذلك الإيمان هو الذي يغذي القلب ويجعله ينمو ويزدهر، يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي، إِنَّمَا الْإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ» (مصنف ابن ابي شيبة: 30351)

وبناء على ذلك فالمؤمن الحق هو الذي يضع نفسه بين يدي الله سبحانه وتعالى، ويسلم أمره إليه، ويستجيب لأوامره على الفور، ويترك نواهيه دون تردد، يقبل ذلك بتواضع وخشوع لأن الإسلام هو المنهج القويم الذي أراده الله للناس ليعيشوا به حياةً سعيدةً هادئةً، وقد جاء الإسلام بأسس راسخة يجب الالتزام بها، وهي أركان الإسلام.

أركان الإسلام

فأركان الإسلام هي دعائمه الراسخة التي لا تَهتز، فهي كالصخور الصلبة التي تستند إليها الجبال، فإذا تزحزحت صخرة أو سقطت، تصدع الجبل وتهاوى، أو كالأعمدة التي يرتكز عليها البنيان القوي، فإذا سقطت أو اختلّت أحدها، تهاوى البنيان ووقع.

وأما عددها فقد بيّنها لنا رسول الله ﷺ كما في حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ. (صحيح البخاري: 8)

فهذه الخمسة هي أركان الإسلام وهي التي تمثل الضمانة التي يحصل بها المرء على السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، وأنها تمثل العلامة الفارقة بين المسلم والكافر.

فأول الأركان هو الشهادة

الشهادة هي أعظم شهادة في الدنيا والآخرة، وهي ركن أساسي في الإسلام وهي روح الإسلام ولبه، وهي عنوان التوحيد، وهي الأساس الذي تقوم عليها العبادة والعمل الصالح، وبها يخرج المرء من دائرة الكفر إلى دائرة الإسلام ليصير مسلماً تاماً له حقوق وواجبات كغيره من المسلمين، فمن شهد بها صادقاً من القلب فاز بالسعادة في الدنيا والآخرة وقُبلت منه بإذن الله تعالى جميع أعماله الصالحة الخالصة لوجه الله تعالى، وإلا فجميع أعماله مردودة عليه.

معنى الشهادة

هي كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" أو كلمة الشهادة "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".

هذه الكلمة ليست مجرد كلمة بلا معنى، ولا هي قول بلا مقصود، وليست كلمة بلا مضمون، ولا كلام بلا حقيقة، بل هي دعوة عظيمة ورسالة خالدة، تحمل في طياتها معانٍ عميقة وقيمًا سامية، ومفاهيم جليلة وهي: أنه سبحانه وتعالى هو المعبود وحده لا شريك له، وهو الإله الحق المبين، وكل ما سواه باطل، وأن حبيبه ورسوله سيدنا محمد ﷺ هو عبده ورسوله الذي ختم به الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.

كما أن هذه الكلمة العظيمة لا تنفع قائلها إلا إذا فهم مدلولها نفياً وإثباتاً، وآمن به وعمل عليه: قيل لِلْحسنِ البصري رحمه الله تعالى: إِن نَاسا يَقُولُونَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة. قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَأدى حَقّهَا وفرضها، دخل الْجنَّة. (الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة للإسماعيل أصبهاني: 2/ 158)

وهي تقتضي إخلاص العبادة لله وحده، ونفي العبادة عن كل ما سواه، فهي دعوة للتوحيد الخالص، والالتزام بدين الله الحق، فمن قالها وهو يعلم جازماً أن الله وحده هو الإله الحق المبين، وأن عبادته هي العبادة الصحيحة، وأن محمدًا عبده ورسوله الكريم وخاتم النبيين والمرسلين عليهم السلام وعلى نبينا أفضل السلام فقد نال سعادة الدنيا والآخرة.

وهذه الكلمة العظيمة تشتمل على جزأين:

الأول: شهادة أن لا إله إلا الله

وهي دعوة إلى التوحيد الخالص، وإلى التخلص من كل أشكال الشرك، وهي إعلان أن الله وحده هو المستحق للعبادة، فيشهد العبد بأنه لا عبادة إلا لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفُوًا أحد، أي لا شريك له في العبادة ولا في الربوبية، ولا في الألوهية، ولا شريك له في ذاته ولا في صفاته، ولا في ملكه ولا تصرفه، فهو وحده سبحانه وتعالى المستحق للعبادة، وكل من عبد سواه فهو باطل قال تعالى:

ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٦٢ (الحج: 62)

الجزء الثاني: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أي التسليم التام والإذعان المطلق والإيمان الصادق لسيدنا محمد ﷺ، بأنه رسول الله ﷺ إلى جميع الخلائق، من الإنس والجان والأشجار، والدواب والطيور والأحجار، وأنه ﷺ سيد المرسلين وخاتم النبيين عليهم السلام قال تعالى:

وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَۗ (الأحزاب:40)

وأنه ﷺ لم ينطق إلا بوحي من الله تعالى، وأن ما أخبر به من الغيب حق، وما أحله فهو حلال، وما حرّمه فهو حرام، وأن ما أمر به من الطاعات فهو واجب، وما نهى عنه من المحرمات فهو محرم، وأن اتباع شريعته والتزام سنته في السر والجهر هو طريق السعادة في الدنيا والآخرة، وأن طاعته هي طاعة لله تعالى، ومعصيته هي معصية لله تعالى.

مقتضى الشهادة

شهادة أن لا إله إلا الله هي الأساس الذي تقوم عليه العقيدة الإسلامية، المتتضمنة للإيمان بالله تعالى ووحدانيته، والإيمان برسله الكرام عليهم السلام، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالبعث بعد الموت والإيمان بيوم القيامة، وهذا ما يسمى أركان الإيمان أيضًا.

ومن مقتضيات هذه الشهادة أداء الصلاة والزكاة وصيام رمضان والحج كما في الحديث:

قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رحمه الله تعالى: أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ. (صحيح البخاري: 2/ 71)

وهنا سؤال يطرح نفسه: ما هي أسنان هذا المفتاح؟

قال العلماء رحمهم الله تعالى: إن أَسْنَان هَذَا الْمِفْتَاح هِيَ الطَّاعَات الْوَاجِبَة من الْقيام بِطَاعَة الله تَعَالَى وتأديتها، والمفارقة لمعاصي الله تَعَالَى ومجانبتها. (عمدة القاري: 8/3)

ختامًا!

هاتان الشهادتان، كما تقدم، هما أساس الدين والملة وهما أصل الدين ولب الإسلام فمن شهد بهما واعتقد معناهما إيمانا جازما فهو مسلم، وعليه أن يعيش حياته على أساس هاتين الشهادتين وأن يؤدي جميع ما عليه من الحقوق مما أمر به الله تعالى ورسوله ﷺ من الأوامر وأن يجتنب جميع ما نهى الله ورسوله ﷺ عنه، وأن يعمل على نشر الخير حسب طاقته، كما ترى حاليا بعض الدعاة والمبلغين ومن ضمن هؤلاء سيدنا وشيخنا المربي الشهير الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى مؤسس مركز الدعوة الإسلامية الذي يعد من أكبر المراكز الدعوية والإصلاحية العالمية لنشر الخير في العالم، فقد أسسه لغاية هامة، ألا وهي "عليّ محاولة إصلاح نفسي وجميع أناس العالم".

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان بالله تعالى وبرسله وملائكته وكتبه والقدر خيره وشره والقبر والحشر، وأن يوفقنا لاتباع رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام وتابعيه وتابع تابعيهم وجميع الأولياء والصلحاء إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.

تعليقات



رمز الحماية