ومنها أنها يجوز أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين لشيء واحد مثل علمتني منطلقا ولبعضها معنى آخر يتعدى به إلى واحد فظننت بمعنى اتهمت وعلمت بمعنى عرفت ورأيت بمعنى أبصرت ووجدت بمعنى أصبت الأفعال الناقصة ما وضع لتقرير الفاعل على صفة وهي
فقط, وأيضاً التعليق واجب والإلغاء جائز (ومنها) أي: من خصائص أفعال القلوب (أنها يجوز أن يكون فاعلها) أي: فاعل هذه الأفعال (ومفعولها) الأول كلاهما (ضميرين) متصلين كائنين (لشيء واحد) بأن يكونا عبارة عنه أو عمّا يشتمل عليه (مثل ½علمتُني منطلقاً¼) وكقول أم المؤمنين سيدتنا عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها: ½لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وما لنا من طعام إلاّ الأسودان¼, وأُجرِي ½رأى¼ البصريةُ والحُلْمِيّة على ½رأى¼ القلبية, فجُوِّز فيهما ما جُوّز فيه كقوله تعالى ﴿إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗا﴾ [يوسف:٣٦], ولا يجوز ذلك في سائر الأفعال فلا يقال ½خبرتُني¼ (ولبعضها) أي: لبعض أفعال القلوب وهو أفعال اليقين و½ظننت¼ (معنى آخر) قريب من معانيها الأُوَل (يتعدّى) ذلك البعض (به) أي: بسبب ذلك المعنى (إلى) مفعول (واحد) فقط (فـ½ظننت¼ بمعنى ½اتهمت¼) وهو بهذا مأخوذ من الظِنّة بكسر الظاء, و½ظننت زيداً¼ بمعنى ½اتهمت زيداً¼ أي: ½جعلته موضع الظن السيء, ومنه قوله تعالى ﴿وَمَا هُوَ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ بِضَنِينٖ﴾ [التكوير:٢٤] أى: ما محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بمجعول موضعَ الظن السيء على ما يخبره من الوحي والغيوب (و½علمت¼ بمعنى ½عرفت¼) تقول ½علمت زيداً¼ أي: عرفته (و½رأيت¼ بمعنى ½أبصرت¼) تقول: ½رأيت زيداً¼ أي: أبصرته (و½وجدت¼ بمعنى ½أصبت¼) تقول: ½وجدت الضالّة¼ أي: أصبتها, ولما فرغ من أفعال القلوب شرع في الأفعال الناقصة فقال (الأفعال الناقصة) سمّيت بها لأنها لا تصير بمرفوعها كلاماً تامًّا كسائر الأفعال بل تحتاج إلى المنصوب, والاحتياج نقص (ما وضع) أي: أفعال وضعت (لتقرير الفاعل) أي: لتثبيته (على صفة) مخصوصة نحو ½كان زيد قائماً¼ فـ½كان¼ قرّر فيه فاعلَه أي: ½زيد¼ على صفة كونه قائماً في الزمان الماضي, ولا حاجة لإخراج الأفعال التامّة إلى قيد زائد؛ فإنّ الأفعال الناقصة لنسبة الذات إلى الحدث, بخلاف التامّة فإنها المعتبر فيها نسبة الحدث إلى الذات (وهي) أي: الأفعال الناقصة