الأوّل سماعي مثل ½امرأً ونفسه¼ و﴿ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡ﴾ وأهلا وسهلا والثاني المنادى وهو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب ½أدعو¼
نحو ½أتاني زيد الفاسقَ¼ وعلى الترحم نحو ½مررت بزيد المسكينَ¼ فإن هذه المنصوبات تُنصب بفعل محذوف وجوبًا وهو أعني أو أخصّ أو أمدح أو أذمّ أو أترحّم على حسب المواضع, وكلّها بمعنى الإنشاء لا الإخبار (الأول) من المواضع الأربعة (سماعيّ) أي: مقصور على السماع من العرب (مثل) قول العرب (½امرأً ونفسَه¼) الواو فيه إمّا للعطف فيفيد الحثّ على الفرار عن نفسه؛ لأنّ عطف نفسِه على امرء بمنزلة تكرير امرء, فكأنه قيل: اترك امرأً اترك امرأً, وإمّا بمعنى ½مع¼ فيفيد قصر اليد واللسان عنه أي: ½اترك امرأً مصاحبًا مع نفسه¼, (و) مثل قوله تعالى ﴿ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡ﴾ [النساء:١٧١] أي: ½انتهوا يامعشر النصارى عن التثليث أي: عن قولكم إنّ الله ثالث ثلاثة واقصدوا خيرًا لكم وهو التوحيد¼, واعلم أنّ وجوب الحذف سماعًا إنما يكون إذا تُرك الفعل في جميع الاستعمالات, فالقول بوجوب الحذف في الآية الكريمة غير ظاهر؛ إذ ليس الكريمة موارد في كلامهم لكون المخاطب فيها معيّنًا أعني النصارى, فالظاهر أن الحذف فيها على الجواز لوجود القرينة وهي أنه إذا نُهي عن شيء وجِيء بما لا ينهى عنه فهو ممّا يؤمر به, وقال الفرّاء: إنّ ½خيرًا¼ صفة مصدر محذوف أي: انتهوا انتهاءً خيرًا لكم, وعلى هذا لايكون من باب حذف الفعل (و) مثل (½أهلاً وسهلاً¼) أي: أتيت أهلاً لا أجانب ووطيت سهلاً لا حزْنًا, والسَهْل نقيض الجبل والحزْنُ المكان الصلب, هذا الكلام يقوله المزور والمضيف للزائر والضيف لتطييب قلبه وإصابة الأنس إليه من جهته, يعني: أنا من أهلك لا من الأجانب ومنزلي لك سهل ليّن لا مشقّة عليك فيه, (و) الموضع (الثاني) من تلك المواضع (المنادى) إنّما وجب حذف الفعل لأن حرف النداء نائب منابه فلو ذكر الفعل يلزم الجمع بين النائب والمنوب (وهو) أي: المنادى (المطلوب إقبالُه) الإقبال هو التوجه, أي: المنادى ما طلب توجّهه إمّا بوجهه نحو قولك ½يا زيد¼ إذا لم يكن متوجهًا إليك بوجهه, وإمّا بقلبه كقولك ½يا زيد¼ إذا كان متوجهًا إليك بوجهه, وبه خرج المندوب عن التعريف, أمّا مثل ½يا سماء¼ و½يا ليل¼ فالنداء فيه من باب التخييل تشبيهًا بمن له صلوح التوجه, وأما قولك ½يا الله¼ فقيل ندائه أيضًا على التشبيه (بحرف) متعلق بـ½المطلوب¼ (نائب) صفة حرف (منابَ) ظرف ½نائب¼ (½أدعو¼) الإنشائي؛ لأن الجملة الندائية إنشائية, فالأولى تقدير مثل ½دعوت¼؛ لأن الأغلب في الأفعال الإنشائية مجيئها بلفظ الماضى, والحروف النائبة مناب ½أدعو¼ خمسة