عنوان الكتاب: فضل طلب العلم وأهميته

فلمّا كان اليوم الثالث مِن يوم دفنه رآه رجلٌ مِن خيار أهل بلدنا في أحسن صورة غلام أمرد، وعليه بياض، متعمّم بعمامة خضراء، وتحته فرس أشهب نازل مِن السَّماء فكأنّه كان يأتيه قاصدًا ويسلّم عليه، ويقول: هذا بَلَّغني إليه العلم.

فقال له الرجل: وما الّذي بلّغك إليه؟

فقال: أعطاني اللهُ بكلّ باب تعلّمتُه مِن العلم درجة في الجنّة، فلم تبلغ بي الدرجات إلى درجة أهل العلم، فقال الله تعالى: زيدوا ورثة أنبيائي، فقد ضمنتُ على نفسي أنّه مَن مات وهو عالم سنّتي، أو سنّة أنبيائي، أو طالب لذلك أنْ أجمعهم في درجةٍ واحدةٍ فأعطاني ربّي حتّى بلغتُ إلى درجة أهل العلم، وليس بيني وبين رسول الله إلّا درجتان: درجة هو فيها جالسٌ وحوله النبيّون كلّهم، ودرجة فيها جميع أصحابه، وجميع أصحاب النّبيّين الّذين اتّبعوهم، ودرجة مِن بعدهم فيها جميع أهل العلم وطلبته، فسيرني حتّى استوسطتهم.

فقالوا لي: مرحبًا، مرحبًا، سوى ما لي عند الله مِن المزيد.

فقال له الرجل: ومالكَ عند الله مِن المزيد؟

فقال: وعدني أنْ يحشر النّبيّين كلّهم كما رأيتهم في زمرةٍ واحدةٍ، فيقول: يا معشر العلماء! هذه جنّتي قد أبحتُها لكم، وهذا رضواني قد رضيتُ عنكم، فلا تدخلوا الجنّة حتّى تتمنّوا وتشفعوا، فأعطيكم ما


 

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

33