عنوان الكتاب: المسند للإمام أحمد بن حنبل الجزء الأول

بعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكنا فيعون مقالتك ويضعونها مواضعها فقال عمر رضي الله عنه: لئن قدمت المدينة سالما صالحا لأكلمن الناس في أول مقام أقومه فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة وكان يوم الجمعة عجلت الأرواح صكة الأعمى فقلت لمالك: وما صكة الأعمى قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج لا يعرف الحر والبرد ونحو هذا فوجدت سعيد بن زيد عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني فجلست حذائه تحك ركبتي ركبته فلم أنشب أن طلع عمر رضي الله عنه فلما رأيته قلت: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله قال: فأنكر سعيد بن زيد ذلك فقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد قبله فجلس عمر رضي الله عنه على المنبر فلما سكت المؤذن قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قائل مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن وعاها وعقلها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن لم يعها فلا أحل له أن يكذب علي إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب وكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل لا نجد آية الرجم في كتاب الله عز وجل فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل فالرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو الحبل أو الإعتراف ألا وإنا قد كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

لا تطروني كما أطرى عيسى بن مريم عليه السلام فإنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله وقد بلغني أن قائلا منكم يقول لو قد مات عمر رضي الله عنه بايعت فلانا فلا يفترن امرؤ أن يقول أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فلتة ألا وإنها كانت كذلك ألا وإن الله عز وجل وقى شرها وليس فيكم اليوم من تقطع اليه الأعناق مثل أبي بكر رضي الله عنه ألا وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر رضي الله عنه فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلت: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين فقلت: والله لنأتينهم فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت: من هذا فقالوا: سعد بن عبادة فقلت: ما له قالوا: وجع فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله وقال: أما بعد فنحن أنصار الله عز وجل وكتيبة الاسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة منكم يريدون أن يخزلونا من أصلنا ويحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر رضي الله عنه وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر فقال أبو بكر رضي الله عنه: على رسلك فكرهت أن أغضبه وكان أعلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت فقال: أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح




إنتقل إلى

عدد الصفحات

642