عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

أيها المسلمون: ولا بُدّ هُنا من التنبيه إلى الفَرْق بين الْحَسَد والغِبْطة، فالحسد هو تمنّي زوال النعمة عن المحسود، وأَمّا الغِبْطة فهي أن يرغَب الرجل في نَيْل النِّعمة التي توجَد عند الآخَر بدون تمنّي زَوالِها عنه، فمِثْل هذا لا يقال له: حاسد.

وقد نقل الإمام النووي رحمه الله تعالى: الْحَسود لم يَرْضَ بقسمة الله تعالى ومن لم يرض بالقسمة فقد عارَض الله تعالى في قسمته وحكمته([1]). وروي عن سيّدنا أنس رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم قال: «الحسَد يأكُل الْحَسَنات، كما تأكُل النار الْحَطَبَ»([2]).

يا من عمره كُلّما زاد نقص، يا من يأمن مَكر الله وبَغْتَةَ الْمَوت، يا من يطلُب الْحُكْم والسُّلْطة وما تَهوَى النفس، يا مائلاً إلى الدنيا هل سلِمْتَ من النَّقْص؟ اعلم أنّ الموت أفظَع الأَهْوال وهو أشَدُّ من نَشْرِ الْمَنَاشير وقَرْضِ الْمَقَاريض وغَلْي في الْقُدور، وألفُ ضَرْبة بالسَّيْف أَهْونُ من موت على فِراش، فيجب على المسلم أن يتوب إلى الله تعالى، ويستعدّ للموت بتَرْك المعصية، والرَّكْض وراء الدنيا وجمع حُطامها من مال وغيره، ولا يطمع



([1]) ذكره النووي في "شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية"، صـ٥٠.

([2]) أخرجه ابن ماجه في "سننه"، كتاب الزهد، باب الحسد، ٤/٤٧٣، (٤٢١٠).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259