عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

أصناف العلوم الأدبية

قال الزمخشري: اعلم أنَّ أصناف العلوم الأدبية ترتقي إلى اثني عشر صنفاً: الأول: علم اللغة, والثاني: علم الأبنية, والثالث: علم الاشتقاق, والرابع: علم الإعراب, والخامس: علم المعاني, والسادس: علم البيان, والسابع: علم العروض, والثامن: علم القوافي, والتاسع: إنشاء النثر, والعاشر: قرض الشعر, والحادي عشر: علم الكتابة, والثاني عشر: المحاضرات [1].

فالأديب مَن يعرف علم الأدب كالنحو والصرف واللغة والبيان والمعاني والعروض ونحوها [2].

يشمل علم الأدب الشعرَ والنثرَ. أما الشعر فهو الكلام الموزون المقفى أو هو الأسلوب الذي يصور به الشاعر عواطفه وأحاسيسه معتمدا في ذلك على موسيقا الوزن والقافية وعنصري الخيال والعاطفة. وأما النثر فهو الأسلوب الذي يصور به الأديب أفكاره ومعانيه غير معتمد على وزن أو قافية. ومن هنا يتضح لنا أنّ الشعر مظهر الوجدان وأنّ النثر مظهر العقل والثقافة.

ولذلك كان الشعر أسبق وجودا من النثر؛ لأنه يقوم على الخيال والعاطفة, أما النثر فيقوم على التفكير والمنطق, والخيال أسبق في الوجود من التفكير.

المقامة تاريخياً ولغوياً

لقد عرَف أدب العربي نوعاً من النثر الأدبي, وهو السجع, وهو الكلام المقفّى أو موالاة الكلام على رَوِيّ واحدٍ, وقد تأثّر كُتّاب النثر المسجوع أولاً بالقرآن الكريم, وخُطَب الجاهلية كخطب أكثَم بن صيفي حيث يقول: ½أيها الناس! من عاش مات, ومن مات فات وما هو آتٍ آت...إلخ¼ وهذا السجع له نغمٌ عذبٌ يُحرِّك النفس, ويُثير الشوقَ إلى سَماعه, فكان أول ظهور هذا النوع الأدبي كفنٍّ قائمٍ بذاته في القرن الثالث الهجري في خُطَب الخلفاء وعُمّال الأقاليم, ثم


 



[1]          القسطاس في علم العروض, المقدمة, صـ١٥.

[2] "حاشية القليوبي" على "شرح منهاج الطالبين", كتاب الوصايا, ٣/١٦٩.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132