عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

زيد المذكور، واشتهرت, فبلغ خبرُها الوزيرَ شرفَ الدين أبا نصر أنو شروان بن خالد بن محمد القاشاني, وزير الإمام المسترشد بالله، فلمّا وقف عليها أعجبتْه، وأشار على والدي أن يضمّ إليها غيرَها، فأتمّها خَمسِين مقامةً، وإلى الوزير المذكور أشار الحَريريُّ في خطبة "المقامات" بقوله: ½فأشار مَن إشارته حكم، وطاعته غنم، إلى أن أنشئ مقامات أتلو فيها البديع، وإن لم يدرك الظالع شأو الضليع¼. هكذا وجدتُه في عدة تواريخ، ثم رأيتُ في بعض شهور سنة ست وخمسين وستمائة بـ"القاهرة المحروسة" نسخةَ مقامات, وجميعها بخط مصنِّفها الحَريري، وقد كتب بخطه أيضاً على ظَهرها: إنه صنَّفها للوزير جَلال الدِّين عميد الدَّولة أبي علي الحسن بن أبي العز علي بن صدقة وزير المسترشد أيضاً، ولا شكّ أنّ هذا أصحّ من الرواية الأولى لكونه بخط المصنف [1].

المقامات الحريرية كما يراه العلماء

قال شارح "المقامات" محمد بن أبي بكر الرازي: وكان "كتاب المقامات" اللاتي أنشأها الشيخ الإمام أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري البصري واسطة عقده وخلاصة نقده وسناء مصباحه وضياء صباحه وأزهار بستانه وأثمار جنانه وزلال مائه ونسيم هوائه [2].

وقال ياقوت بن عبد الله الحموي: لقد وافق كتاب "المقامات" من السعد ما لَم يوافق مثله كتاب, فإنه جمع بين حقيقة الجودة والبلاغة, واتسعت له الألفاظ, وانقادت له البراعة حتّى أخذ بأزمتها, وملك رقبتها, فاختار ألفاظها, وأحسن نسقها حتّى لو ادعى بها الإعجاز لما وجد مَن يدفع في صدره, ولا يرد قوله, ولا يأتي بما يقاربها فضلاً عن أن يأتي بمثلها, ثمّ رزقت مع ذلك من الشهرة, وبعد الصيت والاتفاق على استحسانها من الموافق والمخالف ما استحقّت وأكثر [3].


 



[1] وفيات الأعيان, حرف القاف, الحريري صاحب المقامات, ٣/٤٩٢.

[2] "شرح المقامات" للرازي, صـ٢.

[3] معجم الأدباء, ٢/٢٦٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132