بفضله وتقر بنبله، وكفاه شاهداً كتاب "المقامات" التي أبر بها على الأوائل، وأعجز الأواخر.
قال العماد في كتاب "الخريدة": لم يزل الحريري صاحب الخبر [1] بـ"البصرة" في ديوان الخلافة، ووجدت هذا المنصب لأولاده إلى آخر العهد المقتفوي.
ويُحكى: أنه كان دَميماً قَبيحَ المَنظَر، فجاءه شخص غريب يزوره ويأخذ عنه شيئاً, فلمّا رآه استزرى شكله, ففهم الحريريّ ذلك منه, فلمّا التمس منه أن يُملي عليه قال له: اكتب:
مـا أنـتَ أوّل ســارٍ غَــرّه قـمـرٌ |
| ورائـدٍ أعـجـبَـتـه خُضـرَةُ الدِّمَـن |
فاختـر لِنفسك غيري إنـني رجُل |
| مثل المُعَيديّ [2] فاسمع بي ولا تَرَني |
فخجل الرجُل منه وانصرف.
مصنفاته
كان الحريري واسع العلم, كبير الفضل, متفنّناً في علوم شتّى, إلاّ أنه غلب عليه الإنشاء والأدب والنحو, وهنالك توجَد للحريري عدا "المقامات" تواليف حِسان ورسائل عديدة, وهي على ما ذكره أصحاب تراجم الرِّجال كما يلي:
١ درّة الغوّاص في أوهام الخواص ٢ مُلْحَة الإعراب ٣ شرح مُلْحَة الإعراب
٤ الرسالة السينية ٥ الرسالة الشينية ٦ كتاب شعره ٧ المقامات الحريرية.
وفاته
تُوُفي الحريري سنةَ ستّ عشرة وخمس مائة, وقيل: خمس عشرة وخمس مائة بـ"البصرة" في سكة "بني حَرام", وخلَف ولدَين.
[1] هو الذي يحمل إلى الخليفة أخبار الناس والجيش والإدارة.
[2] قد جاء في المثل: ½تسمع بالمعيدي خير من أن تراه¼ يضرب لمن له صِيت وذكر في الناس ولا منظر له, وأول من تكلّم به المنذر بن ماء السماء, قاله لشقة بن ضمرة التميمي الدارمي, وكان قد سمع ذِكرَه, فلمّا رآه اقتحمته عينه, فقال له هذا المثل وسار عنه, فقال له شقة: ½أبيت اللعن! إنّ الرجال ليسوا بجُزُر يُراد منها الأجسام, إنما المرء بأصغرَيه قلبه ولسانه¼, فأعجب المنذر ما رأى من عقله وبيانه. (وفيات الأعيان, ٣/٤٩٦)