ومضات من تربية الحبيب المصطفى ﷺ | الشيخ محمد عمران العطاري


نشرت: يوم الإثنين،28-نوفمبر-2022

ومضات من تربية الحبيب المصطفى ﷺ

هناك قواعد وضوابط لكلّ عمل في العالم، إذا لم يتمّ الاهتمام والمراعاة بها في العمل، فإنها تؤدّي بالإنسان أحيانًا إلى الضرر بدلاً من المنفعة، كما لو أن السائق لم يقُد سيارته وفقًا لقواعد المرور، فعندئذ يمكن أن يخسر حياته، وكذلك هناك بعض القواعد والاحتياطات للتربية أيضًا، فإذا لم يتم الاعتناء بها؛ فقد يكون هناك ضرر، لذلك تعالوا نسلّط الضوء على بعض الاحتياطات المتعلّقة بالتربية:

تجنّب المحادثات الطويلة في التربية:

من الأشياء المهمّة التي يجب مراعاتها في التربية ألاّ تكون المحادثات طويلة أثناءها؛ لأنها تجعل الشخص الذي أمامك يعاني من الملل، لذلك حاول أن تتحدّث بكلمات قصيرة ليبقى انتباه المستمع إلى كلامك، ويبقى الأمر جيدًا في ذهنه، وإن الكلمات التي ألقاها لنا فضيلة الشيخ محمد إلياس العطّار القادري حفظه الله تعالى حول "الدعوة إلى الخير في الجولة الدعوية" تحتوي سطورًا قليلة وموجزة شاملة.

هناك العديد من الجمل القصيرة جداًّ من حيث الكلمات في الأحاديث النبوية الشريفة ولكنها تحمل بين طياتها أكبر المعاني وأعمقها، لاحظ هنا ثلاثة أحاديث نبوية مباركة:

1) ما جُمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم

2) الاقتصاد في النّفقة نصف المعيشة، والتّودّد إلى النّاس نصف العقل، وحسن السّؤال نصف العلم

3) من شرّ النّاس منزلةً عند اللّه يوم القيامة عبدٌ أذهب آخرته بدنيا غيره

يظهر من هذه الأحاديث المباركة أن سيدنا الحبيب المصطفى ﷺ كان يتكلّم بجوامع الكلم أَيْ: بالقول الموجز، قليل اللفظ، وكثير المعنى.

التربية من خلال النظر في الفرص:

كذلك يصبح التدريب طوال الوقت أيضًا سببًا للملل، بل ربما ردّ الفعل في بعض الأحيان:

كان سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه يذكّر الناس في كلّ خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن! لوددتُ أنّك ذكّرتنا كل يوم، قال: أَمَا! إنه يمنعني من ذلك أنّي أكره أن أُمِلَّكم، وإني أتخوّلكم بالموعظة كما كان النبيّ ﷺ يتخوّلنا بها مخافة السآمة علينا

ولذلك يجب على المربّي البحث عن الفرص المناسبة للتربية، فكلما سنحت له الفرصة، اغتنمها ولا يغفل عن التربية.

هوان الدنيا:

عن سيدنا سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: كنّا مع رسول الله ﷺ بذي الحليفة، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها، فقال ﷺ: أترون هذه هيّنة على صاحبها؟ فوالذي نفسي بيده! للدنيا أهون على الله تعالى من هذه على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناحَ بعوضة، ما سقى كافرًا منها قطرةً أبدًا

مناديل سيدنا سعد رضي الله تعالى عنه في الجنّة خير من حرير الدنيا:

هكذا عندما كان الصحابة يتوجّهون إلى شيء مّا في هذا العالم، يوجّهون انتباههم نحو الآخرة بحكمة بالغة، ذات يوم أُهدي إلى النّبيّ ﷺ سَرَقَةٌ (أي: قطعة) من حرير، فجعل النّاس يتداولونها بينهم ويعجبون من حُسْنِها ولِيْنِها، فقال رسول اللّه ﷺ: أتعجبون منها؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه ﷺ! قال: والّذي نفسي بيده! لَمَنادِيلُ سَعْدٍ في الجنّة خيرٌ منها

تأمّل أخي الحبيب! كيف كان الرسول الكريم ﷺ يبني عقول أصحابه وأفكارهم من حين لآخر ويغذّي قدراتهم ويغرِس هوان العالم في أذهانهم بمناسبات مختلفة بحيث لا يمكن لزخارف الدنيا ولمعانها وألوانها أن يجذبهم إليها أبدًا.

التربية العملية:

إذا كان هناك شعور أثناء التربية بأن التواصل اللفظيّ لن يكون أكثر فائدة وفعالية، وأن قلب الشخص الذي أمامك لن يقتنع، فيجب أن يربّى عملياًّ إلى جانب التدريب شفهياًّ:

يروى أنّ رجلاً أتى النّبيَّ ﷺ، فقال: يا رسول اللّه ﷺ! كيف الطّهور؟ فدعا بماء في إناء، فغسل كفّيه ثلاثًا، ثمّ غسل وجهه ثلاثًا، ثمّ غسل ذراعيه ثلاثًا، ثمّ مسح برأسه فأدخل إصبعيه السّبّاحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسّبّاحتين باطنَ أذنيه، ثمّ غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثمّ قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم

أيها الأحبّة! من أراد أن يتعلّم كيفية الوضوء الصحيح عملياًّ فعليه أن يسافر في قوافل الدعوية لمركز الدعوة الإسلامية؛ لأن مثل هذه الأمور يتمّ تعلّمها وتعليمها في القوافل بطريقة جيدة.

أحباب سيدنا النبي ﷺ! أرجو منكم أن تسافروا في سبيل الله تعالى في قوافل الدعوية للمركز كلّ شهر، واحرصوا كلّ الحرص على النصح للآخرين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية