الحياة بالعلم والعمل سلامة وفوز وفلاح | طارق المحمد


نشرت: يوم الثلاثاء،23-يوليو-2024

الحياة بالعلم والعمل سلامة وفوز وفلاح

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

جاء عَنِ التابعي الجليل الْحَسَنِ البصري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ، يَقُولُ:

" إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ أَقْوَامٌ خَلاقَهُمْ فِيهَا بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَسِيرٍ".

وفي رواية أبي أمامة:

"إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ " ( رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في "الأوسط" رحمهما الله تعالى)؛

لأن العلم مع الإيمان، والعمل بالعلم مع الإخلاص هو الحياة الحقيقية، بل هو حياة الحياة.

الجاهل يعيش بلا هدف:

من فقد الْعِلْم وعاش بالجهل هو إنسان بلا هدف، وعابث نهايته الخسران.. ولْنتأمّل قَولَ التابعي الجليل الْحَسَن البصري رضي الله عنه بعد حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ السابق كما في مستدرك الحاكم على الصحيحين:

"وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ صُوَرًا بِلا عُقُولٍ، أَجْسَامًا بِلا أَحْلامٍ، فَرَاشَ نَارٍ وَذِبَّانَ طَمَعٍ، يَغْدُونَ بِدِرْهَمَيْنِ وَيَرُوحُونَ بِدِرْهَمَيْنِ يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ بِثَمَنِ الْعَنْزِ".

الصالحون لا تضرّهم المحن:

ولقد أشار العلّامة الحكيم ابن عطاء الله الإسكندري رحمه الله تعالى في لطائف المنن إلى أهمية الصلاح والتقوى وعاقبتهما: قال صوفيٌّ يومًا بحضرة فقيه: «إنَّ لله عبادًا هم في أوقات المحنِ، والمحنُ لا تضرُّهم».

فقال ذلك الفقيه: «هذا ما لا أفهمه»، فقال الصوفي: «أنا أريك مثال ذلك، الملائكة الموكلون بالنار هم في النار، والنار لا تضرهم».

ثم قال: وسمعت شيخنا أبا العباس المرسي رحمه الله يقول:

«الدنيا كالنار، وهي قائلة: للمؤمن جُزْ يا مؤمن؛ فقد أطفأ نور قناعتك لهبي» (( لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي وشيخه الشاذلي أبي الحسن لابن عطاء الله السكندري صـ 27) طبعة(كتاب ناشرون) لبنان). انتهى.

وهذا الاقتباس جزء من حديث يَعلَى بنِ أُمَيَّةَ أو: (مُنْيَةَ) قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:

"تَقُولُ جَهَنَّمُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: "جُزْ يَا مُؤْمِنُ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي". (رواه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي)

فعلى كل مؤمن انتسب لأهل الإيمان وتشرّف بهذه النسبة العظيمة أن يتفقد إيمانه ويبحث عن السلامة الأخروية فالسلامة الدنيوية قد يحصّلها برشوة أو وساطة ونحو ذلك.

أمّا السلامة الأخروية فمتوقفة على الإيمان والعمل بمقتضى الإيمان، والإيمان الصحيح يتوقف على العلم الصحيح والعلم لا بد له من العمل به ليحيا صاحبه به وإلا كان ممن علم ولم ينتفع بعلم ولا إيمان فآل شأنه إلى الخسران والعياذ بالله، عافانا الله وإياكم.

فلا بد أن تفقّد إيماننا وعملنا وإخلاصنا، ثم لننظرْ:

هل نستحق عليه قول جُز يا مؤمن.؟!

ولا بد أن نتفقدّ حياتنا وحركاتنا ومعاشنا، هل حيِينا بعلمٍ تبعهُ عملٌ وإخلاص فكنا من أهل الاستثناء السابق "إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ" كي ننْجُوَ في الدنيا من الفتن والمحنِ ولا تضرّنا، ونسلم في الآخرة من النار؟!

ولأجل ذلك علينا أن نسير في طريق الصالحين من أهل السنّة والجماعة؛ لنصبح في هذه الدنيا ونحن فيها كالملائكة في سلامٍ وأمانٍ من فتنها وشهواتها بتحصين إيماننا وديننا ولزوم الصحبة الصالحة التي تدلّنا على الله وتعرّقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فنلتزم بأوامر الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرء على دين خليه فلينظر أحدكم من يخالِل.

جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ أَحْيَانَا اللَّهُ بِالْعِلْمِ وَوَفَّقَهُ بِالْحِلْمِ وَسَلَّمَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ جَمِيعِ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. آمين.. والحمد لله رب العالمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية