كيف نتوقف عن عادة الكذب | الشيخ علاء زيات


نشرت: يوم الإثنين،29-مايو-2017

كيف نتوقف عن عادة الكذب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:

فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

هو القول المخالف للحقيقة، يعرفه الإمام النووي رحمه الله تعالى فيقول: "الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو، عمدًا كان أو سهوًا، سواء كان الإخبار عن ماض أو مستقبل".

وهو من الأخلاق الذميمة التي تبغضها المجتمعات والأفراد على حد سواء، والناس بطبعها تأنف مجالسة الكذاب واستماع حديثه، لأنه لم يعد أهلا لأخذ الكلام عنه مذ بعرف بهذا الخلق الذميم، يقول الشاعر:

إذا عرف الانسان بالكذب لم يزل *** لدى الناس كذاباً ولو كان صادقاً

فإن قـال لـم تصغ له جلساؤه *** ولـم يسمعوا منه ولو كان ناطقاً.

وقد قيل في منثور الحكم: "الكذاب لص؛ لأن اللص يسرق مالك، والكذاب يسرق عقلك".

وقد جاء الإسلام ليتمم مكارم الأخلاق ويرقيها لدى الناس، ونهى عن سيئها وقبيحها، يقول الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:

((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))

والكذب ورد ذكره وتقبيحه في القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فمن الآيات الكريمة:

قوله سبحانه وتعالى:

﴿إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾.

وقوله الله عز وجل:

﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾.

وقوله عز شأنه:

﴿ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين﴾.

وأما الأحاديث التي وردت عن الحبيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فكثيرة نذكر منها:

عن أم المؤمنين ‏عائشة الصدِّيقة رضي الله عنها قالت:

((ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ‏من الكذب ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ‏بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة)‏‏).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، قال:

((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)).

وعن صفوان بن سليم أنه قال:

((قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جباناً؟ فقال: نعم. فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: نعم. فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: لا)).

يعتقد كثير من الناس أن الكذب المنهي عنه في الإسلام هو الكذب المتعمد، وأما الكذب في المزاح لإضحاك الناس فلا شيء فيه، وهذا غير صحيح، إذ إن الكذب بعمومه مذموم في ديننا الحنيف، ومما ورد في النهي عن هذا المزاح: ما روي عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول:

((ويل للذي يُحَدِّثُ فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له!))

وقد وعد الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كل مَن ترك الكذب - وإن كان مازحًا - ببيت في الجنة؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:

وإن فضل الدعوة إلى الله تعالى له أجر عظيم، فمن فضائله:

((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمَن ترك المراءَ وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمَن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمَن حسُن خُلقه)).

وترك المزاح الكاذب دليل على كمال إيمان العبد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:

((لا يؤمن العبد الإيمانَ كله حتى يترك الكذب في المزاحة والمِراء وإن كان صادقًا)).

ورحم الله الشاعر إذ يقول:

لا يكذبُ المرءُ إِلا من مهانتِه *** أو عادةِ السوءِ أو من قلةِ الأدبِ

لعضُّ جيفةِ كلبٍ خيرُ رائحةٍ *** من كذبةِ المـرءِ في جدٍ وفي لعبِ

ولهذا كانت مهمة مركز الدعوة الإسلامية إصلاح الناس مهمة سامية، فحينما أسس فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى هذا المركز وجعل له شعار: "عليَّ محاولة إصلاح نفسي وجميع أناس العالم، إن شاء الله عز وجل" كان من تطلعاته أن يرتقي بالناس إلى معارج الأخلاق التي أوصانا بها حبيبنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، لأن صلاح الدنيا والآخرة لا يكون إلا باتباع الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وكل الخسران والخذلان في الإعراض عن نهجه، وتعاليمه...

نسأل الله تعالى أن يخلقنا بأخلاق الحبيب، ويكرمنا بشفاعة الحبيب، ويرزقنا صحبة الحبيب في جنان النعيم، إنه سميع قريب مجيب،

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

تعليقات



رمز الحماية