عنوان الكتاب: سنن أبي داود الجزء الأول

عمله، فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عُمَيْس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كيف أصنع؟ فقال: "اغتسلي واستذفري بثوبٍ وأحرمي" فصلّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، قال جابر: نظرت إلى مدِّ بصري من بين يديه من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بينن أظهرنا، وعليه ينزل القرآن وهو يعلم تأويله، فما عمل به من شىء عملنا به، فأهلَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالتوحيد: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك". وأهلّ الناس بهذا الذي يُهلون به، فلم يردّ عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً منه، ولزم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تلبيتَه،

قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى} فجعل المقام بينه وبين البيت، قال: فكان أبي يقول: قال ابن نفيل وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال سليمان: ولا أعلمه إلا قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في الركعتين بـ{ قل هو اللّه أحد} وبـ {قل يا أيها الكافرون} ثم رجع إلى البيت فاستلم الركنن، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إنَّ الصفا والمروة من شعائر اللّه} "نبدأ بما بدأ اللّه به" فبدأ بالصفا فرقيَ عليه حتى رأى البيت فكبّر اللّه ووحَّده وقال: "لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شىء قدير، لا إله إلا اللّه وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده" ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبّتْ قدماه رمل في بطن الوادي، حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا، حتى إذا كان آخر الطواف على المروة قال: "إنِّي لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهديَ، ولجعلتها عمرةً، فمن كان منكم ليس معه هديٌ فليحلل وليجعلها عمرةً" فحلَّ الناس كلهم وقصروا، إلا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ومن كان معه هدي، فقام سراقة بن جُعْشُمٍ فقال: يارسول اللّه، ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أصابعه في الأخرى ثم قال: "دخلت العمرة في الحجِّ" هكذا مرتين "لا بل لأبد أبدٍ، لا بل لأبدٍ أبدٍ" قال: وقدم عليٌّ رضي اللّه عنه من اليمن ببُدْنِ النبي صلى اللّه عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي اللّه عنها ممن حلَّ ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، فأنكر عليٌّ رضي اللّه عنه ذلك عليها وقال: من أمرك بهذا؟ قالت: أبي، قال: وكان عليٌّ رضي اللّه عنه يقول بالعراق: ذهبت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مُحَرِّشاً على فاطمة رضي اللّه عنها في الأمر الذي صنعته مستفتياً لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الذي ذكرت عنه، فأخبرته اني أننكرت ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، فقال: "صدقت صدقت! ماذا قلت حين فرضت الحجَّ؟" قال: قلت: اللهم إني أهلُّ بما أهلَّ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال: "فإِنَّ معي




إنتقل إلى

عدد الصفحات

406