جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزاة يغزوها إلا ورَّى بغيرها حتى كانت تلك الغزاة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل عدوا كثيرا فجلا للمسلمين أمره ليتأهبوا أهبة عدوهم فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ يريد الديوان فقال كعب فقل رجل يريد يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى له مال ينزل فيه وحي من الله عز وجل وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظل وأنا إليها أصعر فتجهز إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معه فأرجع ولم أقض شيئا فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل كذلك يتمادى بي حتى شمر بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت الجهاز بعد يوم أو يومين ثم ألحقهم فغدوت بعدما فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا من جهازي ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم وليت أني فعلت ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله فطفت فيهم يحزنني أن لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذره الله ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك قال رجل من بني سلمة:
حبسه يا رسول الله برداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل بئسما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا فسكت رسول الله فقال كعب بن مالك فلما بلغني أن رسول الله قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فطفقت أتفكر الكذاب وأقول بماذا أخرج من سخطه غدا أستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي فلما قيل أن رسول الله قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا فأجمعت صدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله تبارك وتعالى حتى جئت فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال لي تعالى فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن قد استمر ظهرك قال فقلت يا رسول الله إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني أخرج من سخطته بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكنه والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى عني به ليوشكن الله تعالى يسخطك علي ولئن حدثتك اليوم بصدق تجد علي فيه إني لأرجو قرة عيني عفوا من الله تبارك وتعالى ما كان لي عذر والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله تعالى فيك فقمت وبادرت رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون لقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك قال فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي قال ثم قلتلهم هل لقى هذا معي أحد قالوا نعم لقيه