والمفعول الأوّل في نحو ½أعطيت زيدًا درهمًا¼، ولأنّ ذكره أهمّ كقولك: ½قَتَلَ الْخَارِجِيَّ فُلانٌ¼، أو لأنّ في التأخير إخلالاً ببيان المعنى نحو: ﴿ وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ﴾ [المؤمن:٢٨] فإنه لو أخّر ½من آل فرعون¼ عن قوله: ½يكتم إيمانه¼ لتوهّم أنه من صلة ½يكتم¼ فلا يفهم أنه منهم، أو بالتناسب كرعاية الفاصلة نحو: ﴿ فَأَوۡجَسَ فِي نَفۡسِهِۦ خِيفَةٗ مُّوسَىٰ﴾ [طه:٦٧]. القصر حقيقي وغير حقيقي، وكلّ منهما نوعان قصر الموصوف على الصفة.
(و) كـ(المفعول الأوّل في نحو ½أعطيت زيدًا درهمًا¼) فإنّ أصله التقديم لأنه فاعل من جهة المعنى إذ هو آخذ العطاء وهو ½درهمًا¼ (ولأنّ ذكره) أي: ذكر البعض الذي قدّم (أهمّ كقولك ½قَتَلَ الْخَارِجِيَّ فُلانٌ¼) فإنّ الأهمّ هو وقوع القتل على الخارجيّ ليستريح الناس من أذاه سواء وقع من زيد أو بكر (أو لأنّ في التأخير) أي: في تأخير ما قُدِّم (إخلالاً ببيان المعنى) أي: إيهامَ معنًى آخرَ غيرِ مرادٍ فيُقدَّم احترازًا من ذلك الإيهام (نحو) قوله تعالى: (﴿وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ﴾) وُصِف ½رَجُلٌ¼ بثلاثة أوصاف بكونه مؤمنًا وبكونه من آل فرعون وبكونه كاتِمًا إيمانَه فقدّم الوصف الأوّل لكونه أشرف وقُدِّم الثاني على الثالث (فإنه) أي: لأنه (لو أخّر) الثاني وهو قوله (½من آل فرعون¼ عن) الثالث أي: عن (قوله ½يكتم إيمانه¼) وقيل ½يكتم إيمانه من آل فرعون¼ (لتوهّم) توهّمًا قويًّا (أنه) أي: ½من آل فرعون¼ (من صلة ½يكتم¼) وهذا غير مراد (فلا يفهم) منه (أنه) أي: الرجل (منهم) أي: من آل فرعون مع أنه المقصود بالبيان (أو) لأنّ في التأخير إخلالاً (بالتناسب) فيقدّم احترازًا عنه (كـ) التقديم الذي لـ(رعاية الفاصلة نحو) قوله تعالى: (﴿فَأَوۡجَسَ) أي: فأخفى (فِي نَفۡسِهِۦ خِيفَةٗ) أي: خوفًا (مُّوسَىٰ﴾) فقُدِّم فيه الجار والمجرور والمفعول على الفاعل لأنّ فواصلَ الآي أي: خواتمَها مبنيّة على الألف فلو أخّر لفات رعاية الفاصلة وأخلّ بالتناسب (القصر) هو تخصيص شيء بشيء بطريق مخصوص, وهو قسمان أحدهما قصر (حقيقي) وهو أن يكون التخصيص بحسَب الحقيقة بأن لا يتجاوز الشيءُ الأوّلُ المقصورُ الشيءَ الثانيَ المقصورَ عليه إلى شيء آخر أصلاً (و) الثاني قصر (غير حقيقي) ويسمّى قصرًا إضافيًّا وهو أن يكون التخصيص بحسَب الإضافة إلى شيء آخر بأن لا يتجاوزه إلى ذلك الشيء الآخر وإن تجاوزه إلى شيء آخر (وكلّ منهما) أي: من الحقيقيّ وغير الحقيقيّ (نوعان) أحدهما (قصر الموصوف على الصفة) وهو أن لا يتجاوز الموصوفُ تلك الصفةَ إلى غيرها