الفصل والوصل
الوصل عطف بعض الجُمَل على بعضٍ والفصل تركه، فإذا أتت جملة بعد جملة فالأولى إمّا أن يكون لها محلّ من الإعراب أو لا، وعلى الأوّل إنْ قُصِد تشريك الثانية لها في حكمه عُطِفت عليها كالمفرد, فشرطُ كونه مقبولاً بالواو ونحوه أن يكون بينهما جهة جامعة
كقولك لتلميذك الذي لا يحبّ أن يُنسَب إليك الكذبُ: ½تَحفَظُ الدرسَ¼ مقامَ قولك ½اِحفَظ الدرسَ¼, فإنه إن لم يحفظ الدرس صرتَ كاذبًا بحسَب الظاهر لأنّ كلامك في صورة الخبر وهو لا يحبّ ذلك فيأتي بالحفظ وهو المطلوب (تنبيه: الإنشاء) الذي لا بدّ له أيضًا من الإسناد والمسند إليه والمسند والمتعلِّقات إذا كان المسند فعلاً أو ما في معناه (كالخبر في كثير) كالذكر والحذف والتقديم والتأخير والإطلاق والتقييد إلى غير ذلك (ممّا ذُكِر في الأبواب الخمسة السابقة) وهي أحوالُ الإسنادِ والمسندِ إليه والمسندِ ومتعلِّقاتِ الفعل والقصرُ (فلْيعتبِره) أي: فلْيُراعِ ذلك الكثيرَ في كلامه (الناظرُ) بنور البصيرة في لطائف الكلام (الفصل والوصل) هذا الباب من أعظم أبواب هذا الفن لصعوبة مسلكه ودقّة مأخذه ولقد قصر بعض العلماء البلاغة على معرفته (الوصل) في اصطلاح البلاغيين (عطف بعض الجُمَل على بعضٍ والفصل تركه) أي: ترك عطف بعض الجمل على بعض (فإذا أتت جملة بعد جملة فـ) الجملة (الأولى إمّا أن يكون لها محلّ من الإعراب أو لا) يكون لها محلّ من الإعراب (وعلى) التقدير (الأوّل) وهو أن يكون للأولى محلّ من الإعراب (إنْ قُصِد تشريك) الجملة (الثانية لها) أي: للأولى (في حكمه) أي: في حكم الإعراب الذي للأولى (عُطِفت) الثانية (عليها) أي: على الأولى؛ ليدلّ العطف على مشاركتهما في الإعراب (كـ) ما في (المفرد) فإنه إذا قصد جعله مشاركًا لمفرد آخر في الحكم من الفاعليّة والمفعوليّة ونحو ذلك وجب عطفه عليه (فشرطُ كونه) أي: كون عطف الثانية على الأولى (مقبولاً) حال كون العطف (بالواو ونحوه) كالفاء و½ثُمَّ¼ و½حتّى¼, واعلم أنّ لكلّ منها معنى خاصًّا سوى التشريك كالترتيب بلا مهلة للفاء ومعها لـ½ثُمّ¼ وترتيب الأجزاء في الذهن لـ½حتّى¼ فإذا وُجِد هذه المعاني حسن العطف بهذه الأحرف ولا يجب وجود جهة جامعة فقوله ½ونحوه¼ ليس على ما ينبغي (أن يكون بينهما) أي: بين الجملتين (جهة جامعة) أي: وصف له خصوص يجمعهما في العقل أو الوهم أو الخيال