حُكِي أنّ رجلاً ذَهَب إلى خارج "باكستان" لكسب المالِ وابتَعد عن والديه وإخوانه وأَخَواته وأصدقائه لحبِّ الدنيا، ولَمَّا اكتسَبَ مالاً كثيرًا أرسله إلى أهله، وأمرهم ببناء القصر العظيم بعد المشاورة لهم والتعاونِ بآرائهم ونَظَرِهم، فكان يَجتهِد في الاكتساب ويُرسِل المال الكثير إليهم وكان يَشتغِل أهلُه في بنائه وتزيـِينه حتّى كَمَل بناؤُه بعد سَنَواتٍ ولَمَّا رجَع ذلك الرجل إلى وَطَنه لم تكن تَتِمُّ الاستعدادات بشَكلٍ كاملٍ للسُّكنِ ولكن مع الأَسَف الشَّدِيدِ مات ذلك الرجلُ ودخل القبر الْمُظلِم بدلاً من القصر العظيم.
أيّها المسلمون: لا بُدَّ للعبد المؤمن من الامتثال لأمرِ سيّده الكريم الرحيم والاجتناب لما نَهاه عنه، وعليه أن يَبذُل جُهده واستطاعته في ذلك ويَستفرغ فيه طاقته ثُمَّ يَرجو بعد ذلك غُفران ربّه ورحمته، ولا يَتمنّى ولا يَغتَرُّ من غير جِدٍّ ولا سَعيٍ ؛ لأنّ انتظارَ الشفاعة بلا سَبَبٍ نَوعٌ من الغُرور وارْتِجَاءُ الرحمة ممّن لا يُطاعُ حُمُقٌ وخِذلانٌ.
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه في "الغنية": فكم من كَفَنٍ مَغسولٌ وصاحِبه في السُّوق مَشغولٌ