عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

مَضى عليه إلاّ يسيرًا حتّى انْكَفَأَ به الصِّراطُ، فهَوَى إلى جهنَّمَ فقال عمرُ: هِيْهِ، قالت: ثُمَّ جيءَ بالوليد بن عبد الملك فحُمِلَ عليه فما مضى إلاّ يسيرًا حتّى انْكَفَأَ به الصِّراطُ، فهَوَى إلى جهنّمَ فقال عمرُ: هِيْهِ، قالت: ثُمَّ جيء بسليمانَ بن عبد الملك فما مضى عليه إلاّ يسيرًا حتّى انكفأَ به الصِّراطُ، فهَوى كذلك، فقال عمرُ: هِيْهِ، قالت: ثُمَّ جِيءَ بكَ واللهِ يا أميرَ المؤمنين، فصاح عمرُ رحمة الله تعالى عليه صَيْحةً خَرَّ مَغْشِيًّا عليهِ، فقامت إليه فجعَلَتْ تُنادي في أُذُنه يا أميرَ المؤمنين ! إنّي رأيتُك واللهِ قد نَجَوتَ، إنّي رأَيتُك واللهِ قد نجوتَ، قال: وهي تُنادِي وهو يصِيح ويَفْحَصُ برجْلَيهِ([1]).

 

أيّها المسلمون: إنّ منام غيرِ النَّبيِّ ليسَ بحُجّة شرعًا ومع ذلك أنّ عمرَ بن عبد العزيزِ رحمه الله تعالى كان أشَدَّ خوفًا من الْمُرورِ على الصِّراطِ ؛ لأَنَّ الصِّراط حقٌّ وهو جِسْرٌ مَمْدُود على مَتْـنِ جهنَّم، أدَقُّ من الشَّعْرَةِ وأَحَدُّ من السَّيْفِ، يَعْبُره أهلُ الجنّة، وتَزِلُّ به أقدامُ أهلِ النّارِ.

 



 

([1]) ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين"، كتاب الخوف والرجاء، بيان أحوال الصحابة والتابعين والسلف والصالحين في شدة الخوف، ٤/٢٣١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269