عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

ويَحُثّك على طاعتِه، وأبعَدُ من رِقَّة النّساء خوفُ الْحَمْقى إذا سمعوا الأهوالَ سبَق إلى ألسِنَتهم الاستعاذَة فيقولُ أحدهم: اِستعَنتُ بالله، نعُوذ بالله، اللّهمّ سَلِّم، سلِّم، وهم مع ذلك مُصرّون على المعاصي الّتي هي سببُ هلاكهم، فَالشّيطان يَضحَك من استعاذتِهم كما يَضحَك على مَن يَقصُده سَبُعٌ ضارٌّ في الصَّحراء ووَراءهُ حِصنٌ، فإذا رأَى أنياب السَّبعِ وصَولَتَه من بُعدٍ قال بلسانه: أعوذ بهذا الحِصْن الْحَصين وأَستعينُ بشدّةِ بُنيانه وإحكام أَركانه فيقول ذلك بلسانه وهو قاعدٌ في مكانه فأنَّى يُغْني ذلك عنه من السّبُعِ ؟ وكذلك أهوالُ الآخرةِ لَيس لها حِصْنٌ إلاّ قول: لا إله إلاّ الله صادقًا، ومعنى صِدقهِ أن لا يكونَ له مقصودٌ سِوَى الله تعالى ولا مَعبودٌ غيرَه، ومَنِ اتّخذ إلههُ هواه فهو بعيدٌ من الصّدق في تَوحيده، وأمرُه في الخطَر، فإن عجَزتَ عن ذلك فَكُن مُحِبًّا لرسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّم حَريصًا على تعظيم سُننِه ومُتشوِّقًا إلى مُراعاةِ قلوبِ الصّالحينَ من أمّته ومُتبرِّكًا بأَدْعِيتهم فعساك أن تَنالَ من شفاعته أو شفاعتهم فتَنْجو بالشّفاعةِ إن كُنت قليلَ البِضاعةِ([1]).

 



([1]) "إحياء علوم الدين"، كتاب ذكر الموت وما بعده، ٥/٢٨٥-٢٨٧.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269