وتَعْلو أَرْجلُهم، فَيا له من مَنظرٍ ما أَفْظعَهُ ومُرتَقًى ما أَصْعبَهُ ومَجازٍ ما أضْيقَه! فَانظُر إلى حالك وأنت تَزحَف عليه وتَصعَد إليه وأنت مُثْقِل الظّهرِ بأوزارِك تَلتفِت يَمينًا وشِمالاً إلى الخلقِ وهم يَتهافتون في النّار، والرسولُ عليه السّلام يقول: «يا ربِّ سَلِّمْ سلِّم». والزَّعَقات بالوَيل وَالثُّبورِ قد ارتَفعتْ إليك من قَعرِ جهنّم لكثرةِ مَن زَلَّ عن الصّراط من الخلائقِ فكيف بك لو زَلَّتْ قدمُك ولم يَنفَعك ندمُك فنادَيتَ بالويلِ وَالثُّبور، وقُلتَ: هذا ما كُنتُ أخافُه فيا لَيْتني قَدَّمتُ لحياتي! يا ليتني اتَّخذتُ مع الرسولِ سبيلاً! يا وَيلَتا لَيتني لم أتّخذْ فلانًا خليلاً! يا لَيتني كنتُ تُرابًا! يا لَيتني كنت نَسيًا مَنسِيًّا! يا ليتَ أمِّي لم تلِدني، فطَوِّلْ فيه فكرَك، فإنّ أَسلمَ النّاسِ من أهوالِ يوم القيامة مَن طال فيها فكرُه في الدّنيا، فإنّ الله لا يَجمَع بين خوفَين على عبدٍ، فمَن خاف هذه الأهوالَ في الدّنيا أمِنَها في الآخرة، ولَستُ أَعني بالْخَوفِ رِقَّة كرقَّةِ النِّساءِ تَدْمَع عَيْنُك ويرِقُّ قلبك عند السِّماعِ، ثُمّ تَنْساه على القربِ وتَعودُ إلى لَهْوك ولَعِبك، فماذا من الخوف في شيءٍ؟ بل مَن خاف شيئًا هرَب منه ومَن رَجا شيئًا طلَبه، فلا يُنَجِّيك إلاّ خوفٌ يَمْنَعك عن معاصِي الله تعالى،