إلاّ الثَّقَلينِ الإنْسُ والجنُّ، يقول: يا إخوتاه ! ويا حمَلَةَ نعشاه! لا تَغُرَّنَّكم الدّنيا كما غَرَّتني، ولا يَلْعَبَنَّ بكم الزّمانُ كما لعِب بي، خَلَّفْتُ ما تَرَكْتُ لِوَرَثَتي، وَالدَّيّانُ يوم القيامة يُخاصمني ويُحاسِبني، وأنتم تشَيَّعوني وتَدعوني([1]).
أيّها المسلمون: إنّ العُمُر مَاضٍ ومُنْقَضٍ، فكيف يكون حالنا عندما تُفارق الرّوحُ الجسَدَ ؟ وكيف يكون يومُ الفَقرِ عندما يُنـزَعُ اللِّباسُ عن البدنِ ؟ وكيف بنا إذا رَفَعَ النّاسُ نَعشنا وسَعَوا بنا نحوَ رَمْسِنا ؟ وأين الدّنيا الّتي سَعَينا لها وأَفنَينا في جمعِها عُمُرنا ؟ وأين الدّنيا الّتي أَسهَرنا لأجلها لَيْلنا وأَنفَقنا في سبيلِ تَحصِيلِها أَوقاتنا صابِرين على المصائب والآلامِ، مُخاطِرِين بالأَرواحِ والأَجسامِ، مُواجِهين الْمَواقِفَ العظِيمة راكِبين للأَهوالِ وجَمَعنا الأموال من الحِلِّ والحرام غافلين عن العَينِ الّتي لا تَغفُل ولا تَنامُ، وبَنَينا البُيوتَ وزَيَّنّاها بأَحْدَثِ أَثاثٍ وأَحلاه، وأَعظَمِ فَرْشٍ وأَغْلاهُ، وجَمَعنا فيها كلَّ أَسبابِ اللَّّهوِ وَالتَّرَفِ، وكلُّ واحدٍ منّا عن قبرهِ عَزَفَ، وفي دُنياه غَرِقَ، ومن