وضرَبني ابنُه عِكرِمَةُ [وأسلَم بعد ذلك] على عاتِقي فطَرَحَ يدي فتَعَلَّقَتْ بجِلدَةٍ من جَنبي وأَجهَضَني القتالُ عنهُ فلقد قاتَلتُ عامَّةَ يَومي وإنّي لأَسْحَبُها خَلفي فلمّا آذَتْني وَضَعتُ عليها قدمي ثُمّ تَمَطَّيْتُ بها عليها حتّى طَرَحتُها. قال القاضي أبو الفضل عياضُ بنُ موسى: وزاد ابن وهبٍ في روايته: فجاء يَحمِل يده فبصَق عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلَصِقَت قال ابن إسحاقَ: ثُمّ عَاش بعد ذلك حتّى كان زَمَن عثمانَ رضي الله عنه([1]).
أيّها المسلمون: أرأَيتم أنَّه كيف كان يَبذُل جُهده وقدرتَه في العبادة والطّاعة، ويَستفرِغ طاقته وقُوَّته في إعلاء كلمة الحقِّ، ويَتحَمَّل فيه الْمَشقَّة، ولم يكن يَستشعِر الخوفَ، مع أنّه قُطِعت يده، وأصابته طَعْنَةٌ في سبيل الله، ثُمَّ بعد ذلك كان أشَدَّ صبرًا على مَضَض الألَمِ، وحالُنا هذا نحن نَستشعِر الخوف العظيم ونَدهَشُ عن إدراك الألَمِ، ولا نَصبِرُ، ولا نُطِيقُ القرارَ من شِدّةِ الأَلَم، فيَنبغي ويتأكّد علينا أن نَسلُك طريق الصّحابةِ وأن نُسافِر في سبيل الله، وأن نَصبِر على الألم الّذي