طويلاً حين رأتْه صلّى الله تعالى عليه وسلّم ماضياً في عمله ودعوته إلى الله تعالى، بل شَرِي الأمرُ وتزايد وانتشر بينهم وبينه حتّى تبَاعَد الرجال وأضمَروا العَداوة والحقد وأكْثَرتْ قريشٌ ذكْرَ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم وتَذامرت فيه وحَثّ بعضُهم بعضاً على حربه وعداوته ومقاطعته، ثم إنّهم قرَّروا مراجعة أبي طالب بأسلوب أغلظ وأقسى من السابق وجاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له: يا أبا طالب، إنّ لك سنّاً وشَرَفاً ومَنْزِلةً فينا وإنّا قد طَلَبْنا منك أن تَنْهى ابن أخيك فلم تَنْهَه عنّا، وإنّا والله لا نَصْبِر على هذا من شَتْم آبائنا وتَسْفيه أحلامنا وعَيْب آلهتنا حتّى تكُفَّه عنّا أو نُنَازِله وإيّاك في ذلك حتّى يَهْلك أحَدُ الفريقَيْن، ثم انْصَرَفوا عنه، فعَظُم على أبي طالب فِرَاقُ قومه وعداوتُهم ولم يَطِبْ نفساً بأن يخذل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال له: يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحمِّلني من الأمر ما لا أطيق، فظنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّ عمّه خاذله، وأنّه ضَعُف عن نُصْرته والقيام معه، فقال له: «يا