عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

عبد الله رحمه الله تعالى، أخْبَره بذلك، فقال: بئس ما عَمِلْتَ، هذا المجوسي يُعاملني بهذه المعاملة مُنذ سَنَة، وأنا أَصْبِر عليه، وآخُذ الدراهم منه، وأُلقيها في البئر، لئلاّ يغُرّ بها مسلمًا([1]).

فيالله كيف كان المسلمون يحرصون على بعضهم ويقدّمون مصالح إخوانهم على مصالحهم؟! كيف كانت قُلوبهم مملوءةً بالْمَحبّة والتوقير؟! كيف كانوا يتحمَّلون الضرر في سبيل نَفْعِ إخوانهم؟! لقد كانت نفوسهم تطيب بالْخَسَارة ليَرْبَح أخ مسلم.

واعلموا أنّ أحقّ الناس بحسن الْمُعاشَرة والمعاملة وأوّل من تجب صلتهم واحترامهم هم الوالدان ثم الأقرب فالأقرب، كيف لا يكون ذلك، وقد أكَّد الله تعالى على طاعتهما وبِرّهما والإحسان إليهما وقد أكَّد على ذلك رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم إذ قال: «ثلاثة لا يدخلون الجنّة: العاقّ والدَيه والدَّيُّوْثُ ورَجُلَةُ النساء»([2]).

 



([1]) ذكره الغزالي في "إحياء العلوم"، كتاب رياضة النفس وتهذيب الأخلاق، بيان علامات حسن الخلق، ٣/٨٧.

([2]) أخرجه البيهقى فى "السنن الكبرى"، كتاب الشهادات، باب الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنين عليهما ويغنيان، ١٠/٣٨٢، (٢١٠٢٥).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259