خرَج يطلُب الحديث من رجل فرآه وقد هرَبت فرَسُه، وهو يُشير إليها برِدائه كأَنّ فيه شعير فجاءته فأخَذها، فقال: أكان معك شعير؟ قال: لا، ولكن أوهَمْتُها. فقال البخاري: لا آخُذ الحديث عمَّن يَكْذِبُ على البَهائم([1]). نسأل اللهَ عزّ وجلّ أن يرزُقنا فِعْل الخيرات وتركَ المنكرات من الكذب والغيبة والخيانة والخداع.
أيها المسلمون: الحسَد بِضاعة من بضائع الشَّيطان يبيعها للمُقرِئِين. والحسَد: أن تَتمَنّى زَوال نعمة الْمَحسود إليك([2]). فمن الصِّفات الْمَذْمومة أن ترى فاضلاً فتشتَهي زوال نعمته إليك. وهو من أفعال الْحَمْقَى؛ لأنّه اعتراضٌ على قسمة الله تعالى.
والحسَد موجودٌ في جميع الطبَقات الإنسانية وخاصّةً في الْمُتَدَيِّنين الذين لا ينتبهون إلى مضرّات هذا الفعل الحرام، فيقعون فيه، فإنّك ترى هذا واضحاً فيما إذا تفوَّق أحدٌ على أقرانه فإنّ الكثيرَ منهم يتمَنّى زَوال هذه النِّعْمة عنه، ويطلُبُها لنفسه وقد فشَى هذا الأَمْر كثيراً بين الطُّلاّب والقُرَّاء، فالمتفوِّقُون يَرْغَبون بالدرَجة الأولى في الْمُسابقات، فإن نالها غيرُهم تَمَنّوا زَوالها عنه لنيل هذا الشَّرَف، فيقعون بسبب ذلك في مَعاصٍ أُخرى كالغيبة والبهتان وسُوْء الظنِّ بالمؤمنين والمسلمين، ولا