عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

بالآخرة والإقبال عليها، وتأهّب للرحيل إليها قبل أن يفوت الأوان؟! فكم من راغب في الدنيا قد نُسِجَتْ أكفانُه وختم ديوانه، وسار ملَكُ الموت نحوه ليقبض روحَه، فما أخسره إن كان ألهاه عصيانه، حتّى حلّت به أعظم المصائب أفتراه بتماديه في طلَب الدنيا صائبًا، فلتتعظ ولتتأهب للرحيل، فما بقي إلاّ القليل، ويجب على كلّ مسلم أن يستقبل أيّامَه وشُهورَه وأعوامَه بطاعة رَبِّه، ومُحاسبَة نفسه وإصلاحِ ما فسَد من أعماله، وإن لم يَعْزِم النيةَ على اجتناب الذنوب وعمَلِ الصالحات فالْخَسَارة بالمِرْصاد، فالعاقلُ من حاسَب نفسه، وتزوَّد للآخرة، ونَدِم على الذنوب والتقصير في الطاعة، واستشعَر الخوفَ من عُقوبَة الذنوب، كما كان يفعَل أسلافُنا رحمهم الله تعالى. نقل حجّة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: كان توبة سيدنا ابن الصِّمَّة رحمه الله تعالى بالرقة وكان مُحاسبًا لنفسه فحسَب يومًا فإذا هو ابن ستّين سنةً، فحسب أيّامَها فإذا هي أحدٌ وعشرون ألف يومٍ وخمسُ مئةِ يومٍ، فصرَخ وقال: يا وَيْلتي ألقَى الْمَلِكَ بأحد وعشرين ألفَ ذنب؟ فكيف وفي كلّ يوم عشرة آلاف




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259