فتفكَّروا أيها المسلمون في مآلكم قبلَ رحيلِكم إلى القبر الذي أنتم اليوم في غفلة عنه، وتأمّلوا في حال الأسلاف رحمهم الله تعالى أنّهم كيف كانوا يتفكَّرون في الآخرة، ويُحاسبون أنفسَهم، وكانوا أعبَد الناس وأخشاهم، ومع ذلك كانوا أشدّ الناس خوفاً من الله تعالى، وكانوا يصلّون ويصومون ويتصدّقون ويعملون الصالحات، ويسهَرُون اللَّيَالي ومع ذلك يَعُدّون تَرْك الْمستحبّات من السيئات، أمّا نحن المستغرقون في الذنوب والمعاصي، نتجرّأ عليها، ولا نخشي لومة لائم، ولا نخاف من عُقوبة الله تعالى، ومع ذلك نعُدّ أنفسنا في زمرة الصالحين، فيا لله ما أشدّ غبننا بما نحن فيه، وما أشدّ غفلةً طمَست الحقائق عندنا، حتّى صِرْنا ندعي ما ليس لنا.
مرّ عُتْبَة الغلام رحمه الله تعالى يوماً على مكان، فارتعَدَ ورشَح عرقاً، فقيل له في ذلك، فقال: هذا المكان عصيتُ الله فيه وأنا صغيرٌ([1]).
وكان سيّدُنا الحسن البَصْري رحمه الله تعالى عصَى اللهَ