الكلمة الخبيثة توقظ الفتنة والبغضاء في النفوس، وترسم البؤس على الوجوه فتشعل نار الفرقة والشتات بين الناس وبذلك تكون وبالاً وخزياً وندامةً لصاحبها فيهوي بها في أودية الخسران والهلاك، وكم من عدوّ لدود صار صديقاً حميماً بكلمة طيبة؟! وكم من صديق حميم صار عدوًّا لدوداً بكلمة نابية؟!
أيها المسلمون: فلينوا أقوالكم، واخفضوا للناس أجنحتكم واعرفوا للكلمة الطيبة حقَّها، واحفظوا لها قدرَها، واللسان نعمة من الله تعالى على بني آدم؛ إذ به يعبد اللهَ وحدَه لا شريك له وبه يتمّ التخاطب بين جميع أفراد النوع الإنساني، فباللسان ينطق المؤمن بالشهادتين، ويؤدِّي الصلاة ونحو ذلك من سائر الواجبات والفروض والسنن، وبه يذكر الله عزّ وجلّ.
حكي أنّ رجلاً عبَـدَ الله أربـعين سنَةً فلمّا كان في بعض الليالي أخذتْه دلّة على الله عزّ وجلّ، فقال: إلهي أَرِني ما قد أعدَدْتَ لي في الجنّة وأَخْبِرْني ما قد أعدَدْتَ لي من الحور العين الحسان، فما استتم الكلام حتّى انشق المحراب، فخرجت منه حورية لو خرجت إلى الدنيا لفتنت من فيها فقال لها: إنسية أنت أم جنية؟ قالت: أنا حورية من حوريات الجنّة، فقال: يا جارية