يوم عرفة | ----


نشرت: يوم الثلاثاء،07-أغسطس-2018

يوم عرفة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:

فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

التعريف بيوم عرفة:

هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو يوم الحج الأكبر، وقد سمي يوم عرفة بهذا الاسم لأن حجاج بيت الله الحرام يقفون فيه على جبل عرفة، إذ إنه أهم ركن من أركان الحج

أهميته عن سائر الأيام:

تكمن أهمية يوم عرفة في كونه معظماً عن الله تعالى، ويتجلى ذلك في ضوء كلام ربنا سبحانه وتعالى وأحاديث حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على عدة نقاط:

  • يعتبر يوم عرفة يوم الحج الأكبر، فلا يكمل الحج إلا بالوقوف فيه على جبل عرفة، فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:

    ((الحج عرفة)) متفق عليه

  • أقسم الله تعالى به في كتابه العزيز، وهو سبحانه لا يقسم في كتابه إلا بما كان عظيماً عنده جل شأنه، فقال عز وجل:

    ((وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴿2﴾ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)) سورة الفجر 2-

    يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الوتر: هو يوم عرفة، والشفع: هو يوم النحر) (الجامع لأحكام القرآن)
  • أتم الله تعالى فيه الدين على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد نزل قول الله عز وجل فيه على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:

    ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) سورة المائدة: 3

    قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً قال: أي آية؟ قال:

    ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ سورة المائدة: 3

    قال عمر رضي الله عنه: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة صحيح البخاري

  • بيَّنَ لنا الحبيب أن الله تعالى يعتق فيه من النار ما لا يعتقه في غيره، كما يباهي جل شأنه فيه بعباده الواقفين على جبل عرفة ملائكته الكرام، فقال صلوات ربي وسلامه عليه:

    ((ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتِقَ اللهُ فيهِ عبدًا من النارِ، من يومِ عرفةَ وإنَّهُ ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكةُ فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟)) صحيح مسلم

  • يوم عرفة هو اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

    ((إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان-يعني عرفة-وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال:

    ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (الأعراف) )) صحيح رواه أحمد

فضل صيام يوم عرفة:

إن صيام يوم عرفة لغير الحاج له أجر عظيم عند الله تعالى، فهنيئاً لمن وفق له، فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:

((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)) صحيح مسلم

فما أصغره من عمل وما أعظمه من أجر يكفِّر ذنوب سنتين بإذن الله تعالى

استجابة الدعاء فيه:

استحب العلماء الربانيون كثرة الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى في يوم عرفة، إذ هو يوم يستجاب فيه الدعاء بإذن الله تعالى، فقد ورد عن الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:

((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) رواه الترمذي

أحوال السلف الصالح بعرفة:

لقد كانت أحوال السلف الصالح بعرفة تتنوع:

فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء: وقف مطرف بن عبد الله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: "اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي" وقال الآخر: "ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!" لطائف المعارف

ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء: قال عبد الله بن المبارك: "جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له" لطائف المعارف

ختاماً:

نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل لفعل الخيرات والمبرات في هذا اليوم العظيم، وأن يوفقنا للدعوة إلى الله تعالى في مركز الدعوة الإسلامية، ويكرمنا بالسفر مع القوافل المدنية (الرحلات الدعوية) لإحياء سنن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، إنه سميع قريب مجيب

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين

صلوا على الحبيب

تعليقات



رمز الحماية