مدونات مختارة
الأكثر شهرة
فضل شهر شعبان وميزاته | محمد إلياس السكندري
أنعم الله سبحانه وتعالى على عباده بمواسم معينة لزيادة الأعمال والطاعات وكثرة العبادات والقربات، ومن تلك المواسم العظيمة شهر شعبان الذي خصّه الله سبحانه وتعالى بميزات عديدة وفضائل مديدة، وقد وردت فيه الآثار والأحاديث ومن تلك الفضائل الجليلة التي تميز بها هذا الشهر العظيم أن أعمال العباد ترفع فيه إلى الله تعالى كما ثبت ذلك في الحديث الشريف: عن سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال:
يا رسول الله ﷺ! لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين وأُحِبّ أن يُرفع عملي وأنا صائم
كان سيدنا وحبيبنا محمد ﷺ يعتني بهذا الشهر العظيم عناية خاصة فكان يكثر الصيام فيه فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيتُ رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثرَ صيامًا منه في شعبان
ميزات شهر شعبان:
1- تحويل القبلة:
قال الله تعالى:
قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ ١٤٤
عن سيدنا البراء رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى، أو صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد بالله، لقد صليت مع النبي ﷺ قِبَل مكة، فداروا كما هم قِبَل البيت، وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قِبَل البيت رجال قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله: وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٤٣
أمر الله عز وجل باستقبال الكعبة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان وهو المشهور بين العلماء كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى: قال الجمهور الأعظم: إنما صرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرًا من الهجرة
2- تقدير الأعمار:
إن هذا الشهر العظيم شهر تُقدّر فيه الأعمار، ويُكتَب فيه لملك الموت أسماء من يقبض، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ كان يصوم شعبان كله، قالت: قلت: يا رسول الله ﷺ! أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان، قال: إن الله يكتب على كل نفس ميتة تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم
وفي رواية:
إنه ليس من نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح
3- شهر شعبان شهر الصلاة على النبي ﷺ:
فقد نقل الإمام أحمد بن محمد أبو العباس شهاب الدين القسطلاني رحمه الله تعالى في "المواهب اللدنية بالمنح المحمدية": إن شهر شعبان شهر الصلاة على رسول الله ﷺ؛ لأن آية الصلاة يعنى
"إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ "
نزلت فيه. والله أعلم.
قال الحليمى رحمه الله تعالى: والمقصود بالصلاة عليه ﷺ التقرّب إلى الله تعالى بامتثال أمره تعالى، وقضاء حقّ النبى ﷺ علينا.
تبعه ابن عبد السلام رحمه الله تعالى، فقال فى الباب الثامن من كتابه المسمى بـ"شجرة المعارف": ليست صلاتنا على النبي ﷺ شفاعة له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله -لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا ﷺ- إلى الصلاة عليه
4- شهر شعبان شهر القرآن:
روى العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى:
* قال سلمة بن كهيل رحمه الله تعالى: كان يقال شهر شعبان شهر القرّاء.
* كان حبيب بن أبي ثابت رحمه الله تعالى إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء.
* كان عمرو بن قيس الملائي رحمه الله تعالى إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
* قال الحسن بن سهل رحمه الله قال شعبان: يا ربّ! جعلتني بين شهرين عظيمين فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن.
يا من فرّط في الأوقات الشريفة وضيّعها وأودعها الأعمال السيئة وبئس ما استودعها!.
5- شهر شعبان شهر صيام
قد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت:
لم يكن النبي ﷺ يصوم شهرا أكثرَ من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كلّه
كان النبي ﷺ حريصًا على الطاعة والعبادة، رغم أنَّه معصوم لا ذنب له، وكذلك كان الصحابة -رضي الله عنهم- يتنافسون ويتسابقون في الطاعات والعبادات، ولا بدّ من المسلم الحرص على الاجتهاد في مواسم العبادات، الاجتهاد في شهر شعبان خاصةً، حيث إنّه يُعين على الاجتهاد في شهر رمضان، كما يقول العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلاّ يدخل في صوم رمضان على مشقّة وكلفة، بل قد تمرّن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوّة ونشاط
أخيرًا:
لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، كما نرى ذلك من حال مؤسس مركز الدعوة الإسلامية فضيلة شيخنا المربي الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى حيث يحرّض الناس على التوبة والإنابة إلى الله تعالى، والتضرع إليه والدعاء؛ ويحثهم ويرغبهم على التهيّؤ لرمضان، كما يقول العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى:
مضى رجب وما أحسنت فيه *** وهذا شهر شعبان المبارك
فيا من ضيّع الأوقات جهلاً *** بحرمتها أفق واحذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قسراً *** ويخلي الموت كرها منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا *** بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم *** فخير ذوي الجرائم من تدارك
لذا ينبغي على المؤمن الحرص على الأوقات الفاضلة والأزمنة المباركة وعلى اغتنامها بالطاعات وخصوصًا إذا اقترب شهر رمضان، ينبغي الاستعداد لذاك الشهر العظيم ببعض الأعمال ليسهل عليه استقبال هذا الشهر العظيم فمن ذلك:
أولاً: التهيئة النفسية والروحية لشهر رمضان المبارك.
ثانيًا: التخطيط لاغتنام شهر رمضان.
ثالثًا: الإكثار من الدعاء كما كان حبيبنا ونبيبنا ﷺ يقول إذا دخل رجب:
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان
رابعًا: تعلّم أحكام الصيام.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا اغتنام شهر شعبان وأن يبارك لنا في أوقاتنا ويبلغنا رمضان وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام إنه رحيم كريم منّان ذو الفضل والجود والإحسان، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
تعليقات