لتكن لله واجتهد لأمّتك | يوسف عبد القادر فرواتي


نشرت: يوم الإثنين،11-أبريل-2022

لتكن لله واجتهد لأمّتك

لكلّ دارسٍ مجتهدٍ طريقٌ قرّر السير عليه، وهدفٌ عزم على الوصول إليه، ومن أجل هذه الأهداف والغايات، يبذل ما يستطيع أن يبذله من الجهد والوقت، ولكن ما هي نوعيّة الأهداف والغايات التي ينبغي على المسلم أن يضعها نصب عينيه، ويسعى جاهدًا لتحقيقها، والوصول إليها.؟ هذا إن شاء الله ما سنتعرّف عليه:

الهدف الرئيسيّ:

تختلف الغايات من طالب لآخر، وتتعدّد الأهداف كذلك، فمنها: ما يكون لشغفٍ ذاتيّ، ومنها: ما يكون للأهل، والمجتمع، ولا بأس بذلك، ولا بأس أن يكون بين الأهداف هدف ذاتيّ، ولكن هنالك هدف ساميّ ينبغي على الجميع الاشتراكُ فيه مهما كان توجّههم أو أهدافهم، وهذا الهدف هو إرضاء الله تعالى بالقول والعمل، وإرضاء الله ليس مقتصرًا على طلاب العلم الشرعيّ بل لكلّ طالبٍ مسلمٍ، هذا أوّلًا.. ثم ينبغي أن يكون من ضمن الغايات النهوض بالأمّة الإسلاميّة من خلال الطريق الذي تسير به، كلٌّ بمجاله، وذلك يكون بالإخلاص في العمل، وتقوى الله فيه، والدعوة إلى الله بالحال والقال، وإصلاح النفس ثم الأهل، ثم الأقرب فالأقرب، وهكذا تكون قد ساهمت في جزء من نهضة الأمّة الإسلاميّة، ومهما كان موقعك وعملك فتذكر أنك قدوة لأحدهم وقد يجعلك الله قدوة للملايين، ألا ينبغي أن تكون صورة حسنة للمسلم الحقّ؟! وإذا أكرمك الله بذلك فلا تنس أنّك عبد لله، هذه الأمّة الإسلاميّة التي لها حقّ عليك أن تعمل وتصلح فيها، وتدعو إلى سبيل الله بالطرق التي تستطيعها.

ما الذي تستفيده من هدفك بإرضاء الله، والعمل لنهضة الأمّة؟

أوّلًا: هذا واجب عليك كمسلم، وبأنك فرد ضمن المجتمع الإسلامي.

ثانيًا: تكون حقّقت ما جئتَ لأجله من عبادة الله، وطاعته كما أوضح الله جلّ جلاله ذلك لنا في قوله:

﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾

ثمّ إنّ الاهتمام لأمر المسلمين، وبحالهم، والسعي على إعلاء دعوتهم هو إعلاءٌ لكلمة الله في البداية، وتحقيقٌ أنّك من هذه الأمّة، فقوله ﷺ:

مَنْ لَمْ يَهْتمَّ بأمرِ المسلِمينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ.

دليلٌ على أهمية الاهتمام بأمر المسلمين، وهل هنالك أعلى مِنْ أن يكون همّك أعلاء شأن المسلمين، ونشر دين الله سبحانه وتعالى؟!

وهكذا ينبغي أن يكون حال كلّ مسلمٍ، فمجموع المسلمين كجسدٍ واحدٍ ما يصيب جزء منه يؤثر على الآخر، حتى وإن لم تكن تصيب بما يصابون فإنك ينبغي أن تشعر بحالهم، وتهبّ لنجدتهم، قال ﷺ:

مثل المؤمنين في تَوادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر، والحمّى.

كيف أجعل هذا الأمر من أهدافي، وما هي الطريقة التي أعمل عليها حتى أحقّق هذه الأهداف؟

أوّلّا: اِستعن بالله سبحانه وتعالى، وتوكّل عليه، واعلم يقينًا أنه لا شيء يحصل دون إرادة الله تعالى، وأنه الموفّق الحقيقيّ لك، وتذكَّر قولَه تعالى:

﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ ۥ﴾

وكفاك أن يكون الله حسيبك ووكيلك.

ثانيًا: اِحملْ همَّ هذه الأمّة الإسلاميّة، وتذكّر دائمًا أمر الله لك، ثم مكافأته لك بالأجر والثواب.

ثالثًا: لا تجعل أهدافك للدنيا من أَوْلَوِيَّاتك، وتذكّر دائمًا أنّنا في مرحلة مؤقّتة، وأنً الحياة الحقيقيّة هي الحياة الباقية الخالدة في الآخرة.

رابعًا: انتبه على خطر تعلّم العلم، وعدم العمل به، فقد قيل:

وعالم بعلمه لم يعملنْ معذّب من قبل عباد الوثنْ

ماذا إذا لم أجد من يُعينني على هذه الأهداف والطرق؟

توجَّهْ بإخلاص، واعمل بصدق، وسوف يُهيّئ الله لك من يعينك على حمل هذا الشرف، شرف النهوض بالأمّة الإسلاميّة، ولا يخدعنّك الشيطان بأنّك فرد صغير في هذا المجتمع، وأنّ عملك، وجهدك لن يغيّر من الواقع شيئًا، فالتغيير يبدأ من النفس، وهذا أخبر به المولى جلّ جلاله قائلًا:

﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ﴾

ثم إنّنا لسنا مطالبين بالنتائج بالقدر الذي نحن مطالبون فيه بالعمل، وبذل الجهد، وإنّك إذا عملت، واجتهدت ستكون هنالك نتائج حتميّة سواء لاحظتَها، ورأيتَها أم لا، وكَمْ من أفرادٍ استطاعوا أن يغيّروا ما لم تستطع الجماعات الكبيرة أو الدول أن تغيّره، ولكن اصدق اللهَ يصدقْك، ويُعِنْك، ويهيئْ لك من الأسباب، والأشخاص، والأحوال ما تستعين به على هذه المهمّة، واعلم أنّه لا يوفّق لهذا العمل إلا شخص أحبّه الله، ورضي عنه.

في النهاية:

أخي الطالب..! أخي الحبيب..! ليكن ما تعمله، وتتعلّمه لله عزّ وجلّ، ليكن للأمّة من عملك، وجهدك نصيب، لنعمل حتى نعيد للأمّة مجدها الذي كان لها فنعلي كلمة الله، وكلمة الحق ليرضى الله عنّا، وإذا رضي الله عنا فهذا هو الفوز الحقيقيّ، والغنيمة العظيمة. أسأل الله أن يحقّقنا بهذا الشرف العظيم، ويكرِمنا بخدمة دينه، وإعلاء كلمته... آمين، والحمد لله رب العالمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مركز_فيضان_المدينة
#مؤسسة_مركز_الدعوة_الإسلامية

تعليقات



رمز الحماية