أهمية التعرّف على السيرة النبوية الشريفة | الشيخ أيمن ياسر بكار


نشرت: يوم الخميس،21-سبتمبر-2023

أهمية التعرّف على السيرة النبوية الشريفة

إن من أهمّ المعارف التي ينبغي على المسلم أن يحرص عليها، ويسعى في تحصيلها والاطلاع على تفاصيلها، هي معرفة سيرة سيدنا النبي ﷺ لما فيها من خير وسنن وهدى، ومواقف وإرشادات وتقى، تعود على المستمسك بها بالخير العظيم، وعلى المتأسّي بها بالفوز الكبير، يجد ذلك في الدنيا والآخرة، كما يجده حاضرًا في يومه قبل آخرته، فهو عليه الصلاة والسلام خير خلق الله تعالى وسيد الأنام.

والإنسان قد كرمه الله تعالى على كثيرٍ من خلقه، واختاره للخلافة في أرضه، وأضاء له نور الفهم وإدراك العلم في عقله، واصطفاه لعبادته وفق أمره ونهيه، وسخّر له الشمس والقمر والفُلك تجري في بحره، وآنسه وزوجه وكاثره من جنسه، فصار شعوبًا وقبائل، ومدنًا وأريافًا، وبوادي وحواضر، وألسنة ولغات، وأهلاً وذرية وعائلات، وأقارب وجيرانًا ومجتمعات، ووظائف وأعمالاً متنوعات، ولكي يستقيم أمره ومعاشه، وتكون الجنة مآله وثوابه، فلا بد له من صراطٍ يسير عليه، ومنهجٍ ينضبط به، وقدوة يقتدي بها، فاختار الله تعالى سيدنا محمدًا حبيبًا، واصطفاه خليلاً، فأرسله للعالمين رحمة، وجعله للخلق أسوة.

فما أحوجنا في هذا الزمان أمة الإسلام إلى أن نتعرف على هذا النبي الكريم ﷺ، ونطلع على حاله المستقيم، وفعله القويم، من خلال سيرته العطرة، وشمائله النيرة، فإنّ فوائدها عظيمة كثيرة.

فوائد معرفة السيرة النبوية العطرة

حبّ سيدنا النبي ﷺ: إن محبّة سيدنا النبي ﷺ فرض عظيم، وركن ركين في الدين، وبدونها لا يُقبل إيمانٌ ولا عملٌ، ولا صرف ولا عدل، كما قال صلى الله عليه وسلم:

لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه مِن وَلَدِهِ ووالِدِه، والناسِ أجمعين

فنحبّه أكثر من أنفسنا وأولادنا وأهلينا والناس أجمعين، وهو والله حريٌّ بهذه المحبة وحقيق بها، بل نحن الذين نتشرّف ونتبارك ونتعاظم ونعلو بهذه المحبة، فإنْ كان الأمر كذلك، فليت شعري كيف تكون المحبّة من غير معرفة، فحتى تحبّ الشيء ينبغي أن تتعرف عليه، تتعرف على حقيقته وصفاته، وأحواله وشمائله، فمعرفة سيرته طريق إلى محبته ﷺ، ومحبته طريق إلى مرافقته، كما في الحديث الذي يرويه سيدنا أنس رضي الله عنه:

أنّ رجلاً من بادية أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! متى السّاعةُ قائمةٌ؟ قال ﷺ: وَيْلَكَ، ما أَعْدَدْتَ لها؟ قال: ما أعددت لها إلاّ أنّي أُحِبُّ الله ورسولَه، قال ﷺ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ

- معرفة الحق والصراط المستقيم

إنّ السبل في الدنيا قد تعددت، فمنها ما يدعو إلى خير ومنها ما يدعو إلى شرٍّ، ومنها ما يدعو إلى هدى ومنها ما يدعو إلى ضلالة، ومنها ما يدعو إلى تقىّ ومنها ما يدعو إلى فجور، ومنها ما يدعو إلى سنة، ومنها ما يدعو إلى بدعة، فاشتبهت الأمور على الناس، فأقام الله تعالى الحقّ متمثّلاً بسيدنا النبي ﷺ، وأرشدهم إلى الصراط المستقيم باتباع سنن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم قال تعالى:

وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

وقال سبحانه:

لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا

- معرفة القيم النبيلة والصفات الفاضلة والمراتب العالية

ذكرنا أن الحقّ والخير هو ما أتى به وما كان عليه سيدنا محمد ﷺ، وتناول الناس لهذا الخير ليس على درجة واحدة، فما هو المعيار الذي نحاكم إليه سلوكنا وأعمالنا!، ما هو الميزان الذي نزن به صفاتنا وأحوالنا!، إنه ما أرشدنا إليه سيدنا محمد ﷺ، فمثلاً قال عليه الصلاة والسلام:

1: خيركم من تعلم القرآن وعلمه

2: من يرد الله به خيراً يفقه في الدين

3: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ

4: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي

وغيرها من الأحاديث التي تعتبر الميزان الذي توزن به قيمنا، والمعيار الذي يضبط به سلوكنا، والنور الذي يشرق في آفاقنا التي نتطلع إليها.

- تجسيد الخيرية المثالية في نموذج واقعي

لا يكفي أن ترشدني إلى الخير حتى أكون على خير، لا يكفي أن تملي عليّ نصائح في التربية أو الحياة الزوجية حتى أنجح فيهما، لا يكفي أن تعظني في صلة الرحم وحقّ الجار وتآخي أفراد المجتمع حتى يكون الجميع على الخير، بل لا بدّ من تبصيرٍ بكيفية جعل هذه النصائح والإرشادات واقعًا معاشًا، لا بدّ من فاعلٍ وممارس ناجح لهذه القيم والصفات، مع ما تحتويه مجريات الحياة اليومية، مع الأولاد والزوجات والأصحاب والجيران والمجتمع من تقلّبات وتنوّع أمزجة، وتعدّد مواقف، لا بدّ من خبرة عملية ناجحة في كل هذه المجالات على اختلاف المواقف والأحوال لتكون منارة تضيء لكل قاصدٍ للخير، كل هذا تجده في سيرة الحبيب الأعظم ﷺ.

- تمثل إرثًا ثمينًا، وكنزًا عظيمًا للبشرية كلها

إن في سيرة المصطفى ﷺ أمثلة سامية ومعاني راقية للعالم أجمع، تحثّهم على التعايش السلمي والعادل، وتعزز في المجتمع البشري قيم التسامح والعفو، وتنشر روح التعاون والتآزر بين الأمم، وتوفر نماذج لحل النزاعات بطرق سلمية، وتؤكد على الاجتماع على الخير.

وبسبب غياب السيرة النبوية وما تكتنفه من خيرٍ وهدى عن حياة الأمة، نرى آثار ذلك في واقعنا اليوم من خلال تفشي الجهل والتطرف، وضعف الروح الإصلاحية، وكثرة الانقسامات والصراعات، والتعصب للجماعات، وفقدان النموذج للقيادة الحكيمة، والمصدر الملهم للقيم الأخلاقية، والصفات الكريمة.

ختاماً أقول

إن الكلمات لا يمكن أن تقف على كل ما في سيرة سيدنا النبي ﷺ من خير، فحريٌّ بنا أن نحرص عليها مطالعة ومدارسة في المساجد والبيوت حتى تشرق شمس الهدى والعزة من جديد على أمتنا.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية