مدونات مختارة
الأكثر شهرة
إنها أرض فلسطين | محمد جنيد القادري
ربما يعتقد الكثير من الناس أن فلسطين مجرد دولة عربية إسلامية فحسب، ومن هذا الجانب يتحمّس لها بشدة، ولكنهم قد يجهلون تلك المكانة الشرعية العظيمة التي أكرم الله تعالى بها أرض فلسطين، ففي هذه السطور القليلة سأحاول تقليب صفحات التاريخ لأتمكن من توضيح بعض أهمية هذه القطعة المباركة من الكرة الأرضية وتميُّزها في التاريخ الإسلامي.
أيها القارئ العزيز! إن أرض فلسطين أرض مباركة، جعلها الله تعالى كذلك، ووصفها بذلك في كتابه الكريم، ومن تلك الآيات التي تدل على أن أرض فلسطين أرض مباركة، قول الله تعالى:
إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء: 1].
يقول الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمه الله تعالى في تفسيرها: "الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ بالماء والأشجار، وهي المدائن التي حوله مثل دمشق والأردن وفلسطين" (بحر العلوم: 2/300).
ويقول الإمام النسفي رحمه الله تعالى: "يُرِيدُ بَرَكاتِ الدِينِ والدُنْيا، لِأنَّهُ مُتَعَبَّدُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَلامُ ومَهْبِطُ الوَحْيِ وهو مَحْفُوفٌ بِالأنْهارِ الجارِيَةِ والأشْجارِ المُثْمِرَةِ" (تفسير النسفي: 2/245).
فهذه الأرض المقدسة تحمل في جوانبها آلاف السنين من التاريخ العريق والحضارة الإسلامية.
إنها تلك البقعة المباركة، والمقدّسة التي بارك فيها وحولها رب العالمين، وقد اختصه الله سبحانه محلا لكثير من أنبيائه وأصفيائه عليهم الصلاة والسلام، وهي أرض فلسطين وأرض القدس، وأرض الرباط وهي أكناف بيت المقدس بجميع أطرافه وتُخُومه المباركة.
ومن أبرز ما يميّز هذه الأرض المقدسة أنها تضم ثالث أهم مسجد في الإسلام، ألا وهو المسجد الأقصى المبارك الذي يعتبر أفضل المساجد بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريفين على وجه الأرض.
وهو نفس المسجد الذي يُسمَّى بيت المقدس أيضًا، والذي يقع في مدينة القدس بفلسطين، وله أهمية بالغة في الإسلام ومنزلة عظيمة ومكانة رفيعة عند المسلمين، حيث تشير نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى العديد من فضائله وبركاته وميزاته، منها:
أنه يُعدّ القبلة الأولى للمسلمين حيث كانوا يصلّون نحوه ١٦ أو ١٧ شهراً (صحيح البخاري: 4492).
وأنه ثاني مسجد بُني على وجه الأرض بعد الكعبة المشرّفة (صحيح البخاري: 3366).
وأن الله جعله مُبارَكاً مع ما حوله لبركاته الوفيرة ونفحاته العطرة.
وأنه مسرى النبي ﷺ حيث صلّى فيه بجميع الأنبياء إمامًا عليهم الصلاة والسلام (سنن النسائي: 450، والمعجم الأوسط: 3879).
وأنه منطلق لمعراج النبي ﷺ من هنالك إلى السماوات العلى (صحيح مسلم: 162).
وأنه يُستحبّ السفر إليه وزيارته وأداء العبادة والصلاة فيه (صحيح البخاري: 1188).
وأنه يُضَاعف فيه أجر الصلاة إلى ألف صلاة عن غيره ماعدا الحرمين الشريفين (سنن ابن ماجه: 1407).
وأنه تلك البقعة التي قيل لها في الأحاديث الشريفة "أرض الْمَحْشر والْمَنْشر" (سنن ابن ماجه: 1407).
وأنه من تلك المساجد الأربعة التي لا يدخلها ولا يقربها المسيح الأعور الدجّال (مسند أحمد: 23685).
وأنه أرض الرّباط في المقدس وفي أكناف بيت المقدس لا يضرّهم من خالفهم أو خذلهم (مسند أحمد: 22320، ورواه الهيثمي في "مجمع الزوائد": 7/291، وقال: رجاله ثقات).
وأنه محلّ الإيمان، ففي الحديث: "إِنَّ الإِيمَانَ- إِذَا وقَعَتِ الفِتَنُ-: بِالشَّامِ" (المعجم الكبير: 14564).
وأما ما يتعلق بفضائل أرض فلسطين المقدسة بشكل عام فهي أيضا كثيرة، منها:
• أنها تلك الأرض التي هاجر إليها نبي الله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام (تفسير الطبري: 16/312، البداية والنهاية: 1/172).
• وأنها تلك الأرض التي انتقل إليها نبي الله لوط مع عمّه سيدنا إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام (تفسير الطبري: 16/312، تفسير ابن كثير: 5/353).
• وأنها تلك الأرض التي عاش فيها نبي الله داوود عليه الصلاة والسلام وبنى فيها محرابه (تفسير الثعلبي: 22/39-42، البداية والنهاية: 2/308).
• وأنها تلك الأرض التي حكم منها نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام العالم كله (تفسير ابن كثير: 7/67).
• وأنها تلك الأرض التي حدثت فيها قصة النملة التي تكلمت مع نبي الله سليمان من وادي النمل (تفسير أبي الليث السمرقندي: 2/491، زاد المسير لابن الجوزي: 6/161، وفي معجم البلدان: هو بين بيت جبرين وعسقلان: 1/519).
• وأنها تلك الأرض التي يقع فيها محراب نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام. (تفسير أبي الليث السمرقندي: 1/209، تفسير النسفي: 4/21)
• وأنها تلك الأرض المقدَّسة التي طلب نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام من قومه أن يدخلوها، وسمّيت بالأرض المقدَّسة لأنها طاهرة مطهَّرة إلى يوم الدين. (تفسير النسفي: 1/439، زاد المسير لابن الجوزي: 1/532)
• وأنها تلك الأرض التي وُلِد فيها نبي الله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام. (تفسير ابن كثير: 5/24، تفسير القرطبي: 11/106)
• وأنها تلك الأرض التي هزَّت السيدة مريم بجذع النخلة فيها حينما كانت في أشدّ حالات ضعف المرأة. (تفسير ابن كثير: 5/24، تفسير البحر المحيط: 7/251)
وأنها تلك الأرض التي أمر النبي ﷺ أصحابه بالبقاء فيها. (مسند أحمد: 16632)
وأنها تلك الأرض التي ستكون فيها نهاية المسيح الدجال عند باب لُدّ الشرقي. (شرح النووي على صحيح مسلم: 17/54، مجمع الزوائد للهيثمي: 12512)
• وأنها تلك الأرض التي ستكون فيها نهاية يأجوج ومأجوج. (صحيح مسلم: 2937، شرح السنة للبغوي: 15/56-57، معجم البلدان: 2/102)
• وأنها تلك الأرض التي تجد فيها التراث العريق من التاريخ والعمران.
• وأنها تلك الأرض التي تعتبر أرض الرسالات ومهد الحضارات الإسلامية.
فهذه الميّزات والخصوصيات لهذه الأرض المقدسة جعلتها رائدة الحضارة ومنطلق الجدارة، ولها من المكانة العظيمة والمنزلة السامية منذ أن وطئتها أقدام الأنبياء والمرسلين وأولياء الله الصالحين وعباد الله المكرمين العابدين والمسلمين الراكعين القائمين الساجدين..
دعني أخي القارئ العزيز ندعو معًا ربنا عز وجل أن يحفظ هذه الأرض المقدسة أرض فلسطين وينصر المسلمين المظلومين فيها جميعًا، وينجّيهم من هيمنة القهر والظلم والاستبداد، ويرزقهم الأمن والأمان والسلامة والعافية..
وأن يتغمد الشهداء منهم برحمته وعفوه وكرمه، ويغفر لهم بغير حساب، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان..
وأن يشفي الجرحى والمصابين، ويرزق كلَّ من دُمّرت منازلهم خيرًا وأفضل منها.. برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ارحم عبادك المستضعفين وتولَّهم بلطفك وعطفك وكرمك، يا رحمن يا رحيم بجاه حبيبك سيدنا محمد ﷺ خاتم النبيين والحمد لله رب العالمين...
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية
تعليقات