مدونات مختارة
الأكثر شهرة
الصحابية سيدتنا أم سليم رضي الله عنها | أم حيان العطارية
اسم أم سليم رضي الله عنها وأولادها:
هي سهلة وقيل: اسمها رميلة، الملقّبة بالرميصاء، أولادها هم سيدنا أنس بن مالك، والبراء بن مالك، وابنها من أبي طلحة هو سيدنا عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه (الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/312).
كانت من السابقين الأولين للإسلام من الأنصار، وكان زوجها في الجاهلية مالك بن النضر فمنذ بداية إسلامها كانت لها قوة وعزيمة فعرضت على زوجها الإسلام فغضب وأبى وخرج إلى الشام ثم هلك هناك.
زواجها موقف فريد:
فأم سليم رضي الله تعالى عنها من بداية إسلامها كان لها تأثير وآثرت الإسلام على زوجها فهي صامدة على وجه الحياة والمسؤوليات المترتّبة على عيشها بدون زوج، حتى في زواجها الثاني كان هناك موقفًا فريدًا لم يحدث لأحد قبلها ولا بعدها، فعن أنس رضي الله عنه قال
"خطب أبو طلحة أمَّ سليم رضي الله عنها قبل أن يسلم فقالت: والله! ما مثلك يا أبا طلحة! يردّ، _إنّي فيك لراغبة_ ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة ولا يحلّ لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره" فأسلم _سيدنا أبو طلحة رضي الله عنه وتزوّجها- فكان ذلك مهرها (مسند أحمد: 19/275، (12251)).
بذلك الأمر فضيلة لها وميزة عظيمة لم تحدث لغيرها فكان مهرها أغلى مهر على مرّ العصور.
من قصصها:
امتازت سيدتنا أم سليم رضي الله تعالى عنها بعقلها وحكمتها وقوة شخصيتها وشجاعتها ولها قصص كثيرة، منها أنها كانت يوم غزوة حنين تحمل خنجرًا، فقال لها رسول الله ﷺ:
"ما هذا الخنجر قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه" (الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/312).
ومنها أنها رضي الله عنها كانت متميّزة في محبّتها للنبي ﷺ واتباع أثره في كل شيء،
حتى أن النبي ﷺ دخل على أمّ سليم رضي الله تعالى عنها وفي البيت قربة ماء معلقة فشرب من فيها (وفي آخر هذا الحديث) فقطعت أم سليم رضي الله تعالى عنها فمَ القربة فهو عندنا (مسند أحمد: 4/238، (12189)).
وشهد لها رسول الله ﷺ بالجنة فقال:
"رأيتُني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء؛ امرأة أبي طلحة رضي الله تعالى عنهما" (صحيح البخاري: 2/525، (3679)).
المربّية الأولى والمؤثرة الأقوى:
ومن خلال سيرتها وقوتها وإخلاصها للدين ومحبة النبي ﷺ تُعتبر قدوة هامة يجب الاقتداء بها فالأم هي المربّية الأولى والمؤثرة الأقوى في تربية الأولاد وهي الأساس، فصلاح الولد ينشأ من صغره، ولهذا أعلى الإسلام من شأن المرأة واعتنى بدور الأم خاصة، فإذا ما رجعنا إلى سيرة سيدنا أنس والبراء بن مالك وعبد الله بن أبي طلحة رضي الله تعالى عنهم رأينا كيف كان أثر تربية الصحابية الجليلة أم سليم رضي الله تعالى عنها فيهم، فكانت من أولئك الأمهات اللواتي لهنّ المنهج المميز حيث أعزّ الله بأولادهن هذا الدين، وكان لأولادهن شأنًا عظيمًا ودورًا فعالاً في التاريخ.
جعلت رضي الله تعالى عنها ابنها أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه خادمًا عند رسول الله ﷺ وما ترك النبي ﷺ خيرًا لآخرة ولا دنيا إلا دعا لأنس به، ولما وضعت ابنها عبد الله بن أبي طلحة قالت لابنها أنس: لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله ﷺ، فوضعه أنس في حجر النبي ودعا رسول الله ﷺ بعجوة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في فم الصبي (عمدة القاري: 14/66).
لقد كانت حريصة في تنشئة أولادها على محبّة الدين ومحبّة النبي ﷺ، ولذا كان أنسٌ رضي الله عنه يقول: جزى الله أمّي عنّي خيرًا، لقد أحسنت ولايتي وكانت ذات حرص على اغتنام أوائل السنيّن من حياتي ذات البصمة الغالبة لبقيّة العمر أي: بغرس العقيدة والتوحيد وحبّ الدين منذ الطفولة له الأثر الذي يبقى له حتى آخر العمر.
أما الآن في زماننا فكما قال الشاعر:
من لي بتربيةِ النساءِ فإنها .. في الشرقِ علةُ ذلك الإخفاقِ
وأخيرًا!
نحن فعلاً في زماننا بحاجة إلى أن نعود إلى سيرة أسلافنا العظماء لنرتقي بالاقتداء بهم وبنهجهم الراقي في مجال التربية والتعليم وكل شيء، ولَسْنَا بحاجة لأساليب التربية الحديثة وعلم النفس ففي ديننا الغُنية لما يرشدنا ويكفينا من أساليب وطرق التربية العملية من خلال سيرة النبي ﷺ وصحابته الكرام، فإذا ما نظرنا في سيرة سيدتنا أم سليم وحدها رضي الله تعالى عنها وجدناها ذات مشروع تربوي عظيم خططت له وسعت إليه حتى وصلت غايتها فجعلت ابنها أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه خادمًا ليلازم النبي ﷺ ويتعلم منه، ويقتدي به في كل صغيرة وكبيرة، فخالط النبي ﷺ في بيته زهاء عشر سنين، فكان لهذه الصحبة تأثيرًا كبيرًا وعظيمًا في قلب سيدنا أنس رضي الله عنه.
والأم الصالحة هي من تسعى في زماننا لتربط علاقة أولادها بقدوة حسنة فتختار لهم عالمًا مخلصًا، وصحبة صالحة، ليتعلّق بها قلب الطفل، فمن كان له صلة بشيخ صالح تأثّر به، ومن كان له صحبة صالحة تعينه على ذلك، ضمنت له سعادة الدارين وخدمة طيبة لدين الله، فالاهتمام بغرس العقيدة وحبّ الدين هي التي ينبغي أن ينشأ عليها الطفل منذ نعومة أظفاره ومن شبَّ على شيء شاب عليه.
ولهذا أمر الإسلام بالصلاة لسبع؛ لينشأ عقل الطفل وقلبه على حبّ العقيدة والتوحيد وصلته بالخالق العظيم جل جلاله، فنحن مسؤولون عن ذلك، وكلّكم راع وهو مسؤول عن رعيته.
فإذا عرفنا عظم هذه المسؤولية عملنا وجاهدنا لها لنفوز بالرضى، وإن قصرنا في تربية أولادنا فموقف الآخرة أمامنا ينتظرنا ليحاسبنا ربنا، فلنجاهد ونعمل ونلزم الدعاء الذي ورد في كتاب الله:
وَأَصۡلِحۡ لِي فِي ذُرِّيَّتِيٓۖ [ الأحقاف: 15]
نسأل الله العظيم أن يقرّ أعيننا برؤية أولادنا وذريّاتهم حاملين لواء الإسلام، وأن يجعلنا وإياهم هادين مهديّين غير ضالّين ولا مضلّين بجاه النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية
تعليقات