ومضات حول الإسراء والمعراج | محمد رضا


نشرت: يوم الجمعة،12-يناير-2024

ومضات حول الإسراء والمعراج

الحمد لله الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والصلاة والسلام على من عرج به من المسجد الأقصى إلى الرفيق الأعلى، ورأى ما رأى من آيات ربّه الكبرى سيد الخلق وأشرف المرسلين الذي جاء بالحق المبين وأُرسل رحمة للعالمين سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله الطاهرين وصحبه المخلصين صلاة وسلامَا دائمين إلى يوم الدين.

• تعريف الإسراء والمعراج:

الإسراء: هي رحلة أرضية أكرم الله بها نبيه ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.

وأما المعراج: فهو عروجه ﷺ من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى إلى سدرة المنتهى، ثم إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام، ثم إلى مقامٍ رأى فيه ربه بلا كيف ولا تمثيل، والمعراج رحلة سماوية علوية، إلى عوالم غيبية.

• حقيقة رحلة الإسراء والمعراج:

هي الرحلة المباركة كانت بالجسم والروح معًا عند الجمهور، وهي ثابتة بنص القرآن، والسنة، وإجماع المسلمين فمن أنكر الإسراء فهو كافر ومن أنكر المعراج فهو ضال مبتدع ( شرح الفقه الأكبر للملا علي القاري: 1/322)

• موعد رحلة الإسراء والمعراج:

بدأت الرحلة من ليلة يوم الاثنين 27 رجب سنة 10 من البعثة (روضة الطالبين للنووي: 10/210)

ومن بيت السيدة أم هاني رضي الله عنها بمكة المكرمة، وهي معجزة لنبينا محمدًا ﷺ لم تُمنح لأحدٍ غيره، حيث أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.

• الإعداد لهذه الرحلة المباركة:

بينما كان رسول الله ﷺ مضطجعاً حال وجوده في مكة فرَج عنه سقف بيته، ونزل جبريل فشق صدره وغسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدره ثم أطبقه (صحيح البخاري: 349).

• ركوب النبي ﷺ على البراق:

وبعدها أُتي بالبراق، وهو ـــ دابة ـــ أبيض طويل يقع حافره عند منتهى طرفه، وكان مسرجاً ملجماً، فاستصعب على الرسول ﷺ حين أراد ركوبه، فقال جبريل للبراق: "ما يحملك على هذا؟ فوالله ما ركبك أحد أكرم على الله منه، فارفضّ البراق عرقاً" (مسند أحمد: 12672)

وركبه رسول الله ﷺ حتى أتى بيت المقدس.

• قدومه ﷺ إلى المسجد الأقصى:

دخل رسول الله ﷺ المسجد فصلى فيه ركعتين، وصلى بالأنبياء إماماً ثم خرج بعدها فجاءه جبريل بإناء من خمر، وإناء من لبن فاختار اللبن فقال جبريل: هديت الفطرة ولو أخذت الخمر غوت أمتك (أخرجه ابن حبان في صحيحه: 52).

• عروجه ﷺ إلى السماوات العلى:

أخذ سيدنا جبريل عليه السلام بيد رسول الله ﷺ فعرج به إلى السماء. فلما جاء السماء الدنيا قال جبريل لخازنها إفتح قال: من هذا؟ قال هذا جبريل، قال: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أرسل إليه؟ قال: نعم (صحيح البخاري: 349)،

ففتح فـ"علا النبي ﷺ السماء الدنيا".

• لقائه ﷺ بالأنبياء عليهم السلام في السماوات:

عندما صعد النبي ﷺ إلى السماء الدنيا برفقة سيدنا جبريل عليه السلام لقِيَ سيدنا آدم عليه السلام ورأى في كل سماء نبيّاً أو أكثر من الأنبياء، وسلَّم عليهم، على النحو التالي:

o السماء الأولى: سيدنا آدم عليه السلام.

o السماء الثانية: سيدنا عيسى ويحيى عليهما السلام.

o السماء الثالثة: سيدنا يوسف عليه السلام.

o السماء الرابعة: سيدنا إدريس عليه السلام.

o السماء الخامسة: سيدنا هارون عليه السلام.

o السماء السادسة: سيدنا موسى عليه السلام.

o السماء السابعة: سيدنا إبراهيم عليه السلام ((السيرة النبوية لابن هشام: 1/405-406) (صحيح البخاري: 3887)).

• قدومه ﷺ عند سدرة المنتهى:

ثم رُفِع رسول الله ﷺ إلى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة في السماء السابعة، وحَدٌّ فاصل لا يتجاوزه أحد؛ يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: سميت سدرة المنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد الا رسول ﷺ (المنهاج شرح صحيح مسلم للنووي: 2/214).

• ماذا رأى النبي ﷺ في رحلة الإسراء والمعراج:

سبحان الذي أسرىٰ بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
o جبريل على هيئته الحقيقية

o البُراق

o الأنبياء

o مالك خازن النار

o البيت المعمور

o سدرة المنتهى

o النار

o أقوام يعذبون

o نهر الكوثر

o رؤيته لربه سبحانه وتعالى

• فرضية الصلوات الخمس:

فرض الله سبحانه وتعالى في هذه الليلة المباركة على هذه الأمة المحمدية خمسين صلاة ثم خفّف عنها العدد ولم يخفف الأجر فجعلها الله خمس صلوات بأجر خمسين صلاة (صحيح البخاري: 3887).

• عودته ﷺ إلى مكة:

بعد تلك الرحلة العظيمة عاد النبي ﷺ إلى الأرض وكان جبريل عليه السلام رفيقه حتى دخل بيت أمّ هانئ وفى رواية: عاد ﷺ إلى بيت المقدس ومعه جبريل حتى أتى به مكة إلى فراشه وبقيت من الليل ساعات (تاريخ الخميس للديار البكري: 1/315)

• موقف قريش من الإسراء والمعراج:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: " لمّا أُسْريَ بالنَّبيِّ ﷺ إلى المَسجِدِ الأقْصى أصبَحَ يَتحدَّثُ النّاسُ بذلك، فارتَدَّ ناسٌ ممَّن كانوا آمَنوا به وصَدَّقوه، وسعَوْا بذلك إلى أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقالوا: هل لكَ إلى صاحِبِكَ يَزعُمُ أنَّه أُسْريَ به اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ، قالَ: أو قالَ ذلك؟ قالوا: نعمْ، قالَ: لَئنْ كانَ قالَ ذلك لقد صدَقَ، قالوا: وتُصدِّقُه أنَّه ذهَبَ اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ وجاءَ قبلَ أنْ يُصبِحَ؟ قالَ: نعمْ، إنِّي لأُصدِّقُه فيما هو أبعَدُ من ذلك، أُصدِّقُه بخَبرِ السَّماءِ في غَدْوةٍ أو رَوْحةٍ؛ فلذلك سُمِّيَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقَ (المستدرك للحاكم: 4407).

في الختام:

من خلال مقالنا حول رحلة الإسراء والمعراج، ندرك أن تلك اللحظات النورانية واللمحات الإيمانية تحمل في طياتها دروسًا عظيمة لحياتنا ولجميع المسلمين، فهي لم تكن مجرد رحلة تسرية وتسلية لقلب النبي ﷺ فقط، بل كانت رحلة تربية وتهذيبًا لنا أيضًا بأن بعد العسر يسرًا، وأن كلَّ محنة وراءها منحة، وكلَّ شدة وراءها عطاء وتكريمًا من الله سبحانه وتعالى.

نسأل الله تعالى أن يمنّ علينا بالمن والبركات، وأن يوحّد أمتنا ويألف قلوبنا كي نعيد المسجد الأقصى لعزته ولمكانته السامية في تاريخنا العظيم، إنه سميع مجيب، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية