ما هي حقيقة عيد الحبّ؟ | الشيخ عادل ديري


نشرت: يوم الأَربعاء،24-يناير-2024

ما هي حقيقة عيد الحبّ؟

العقل من أعظم الأمور التي منحها الله تعالى للإنسان، فينبغي للإنسان أن يشكر الله تعالى على هذه النعمة، وأن يستخدمها في مرضاته، وأن يبحث عن كل ما يريد فعله والقيام به، وألا يسير وينقاد خلف كل ما يُروّج له، وأن يبحث عن حقائق الأمور، ويدقق في تفاصيل الأشياء، ويبحث عن غاياتها ومقاصدها، وينظر ويفكّر، ويسأل نفسه، فكثير من الأمور ينقاد إليها النَّاس في يومنا من غير أن يبحثوا عن حقيقتها ومقصدها ومن أين جاءت، وكيف جاءت، وما حكم ديننا الحنيف فيها؟

فقط لأنه رُوِّج لهذا الأمر على وسائل التواصل أو في التلفاز وفي الأسواق وما إلى ذلك؛ أصبحنا ننقاد خلفه، وأصبحنا نفعله على أنه شيء لا حرمة فيه ولا حرج، وأحد هذه الأمور التي صارت دخيلة إلينا وتقبَّلناها برحابة صدر دون تفكير سديد ما يُسمى اليوم بـ: عيد الحب أو (فالنتين).

فهل فكرنا في يوم من الأيام ما هي حقيقة "هذا العيد

لماذا خُص هذا العيد بهذا اليوم بالتحديد؟

ما هي علاقة اللون الأحمر بهذه الذكرى، وما هو الرابط بينهما؟

لا بد من أن يكون هناك قصة وراء اختيار هذا اليوم فهل فكرنا بذلك؟

هل عرفنا من هو الفالنتين، وما قصته؟

والأهم من كل هذه الأسئلة هل فكرنا بحكم الشرع عن الاحتفال بهذا اليوم؟

نعود لما ذكرناه سابقًا بأن من أعظم الأمور التي كرَّمنا الله تعالى بها هو العقل، فينبغي علينا أن نشكر المنعم على هذه النعمة، وشكرنا على نعمة العقل يكون باستخدامه في مرضاة الله.

والآن إذا نظرنا إلى حقيقة ما يسمى بـ"عيد الحب"، وعُدنا إلى تاريخه القديم وبحثنا عن أول من بدأ به وشرَّعه، لرأينا أن قومًا من الوثنيين هم أول من بدأوا يحتفلون به، واحتفالاتهم يتخللها المنكرات والفجور والسفور الّتي هي محرمة في شريعتنا، منهي عنها وعن الاقتراب منها، فكيف لم نفّكر بأصل هذا اليوم؟ أو اسم فالنتين.

لو رجعنا إلى الماضي لوجدنا أنه اسم لقديس، تم إعدامه في يوم 14 فبراير؛ لأنه انتهك أحد المقدسات على حسب عقيدتهم، فأُطلق على يوم "عيد الحب" اسم "فالنتين" إحياء لذكرى إعدامه، وأصبح من عاداتهم أن يهدُوا بعضهم الورود ذات اللون الأحمر، ومن هنا تم الربط بين اللون الأحمر وعيد الحب.

ولو بحثنا في حقيقة ما يعيشه المحتفلون في عصرنا بهذا العيد، لوجدنا أنهم يعيشون أوهام الحب لا حقيقة الحب، وإلا فلماذا يكثر الانتحار في بلاد تقيم هذه الاحتفالات بـ"عيد الحب"، ومن ثَمَّ نرى الاكتئاب النفسي، والقلق والخوف هو ظاهرة منتشرة في بلادهم، بل إن ما يسمونه عيد الحب هو شكْلٌ من أشكال الهروب من هذه الأحوال النفسية من جانب، وبحث عن حبٍّ موهوم من جانبٍ آخر، ومن هنا نستنتج أنه لا حب حقيقي إلا ضمن إطار الإسلام، فإسلامنا هو الحل.

والآن لننظر لمكانة الحبّ في شريعتنا:

لا شك أنك قد سألت نفسك: ألا يوجد عيد حبّ في الإسلام؟ فأقول لك: بلى، فكل الأيام بالنسبة للمسلم هي عيد حبّ، وإذا مرَّ عليه يوم بحياته لا يوجد فيه حبّ فيكون قد خسر خسرانًا مبينًا، ولكن لمن يكون هذا الحب؟ نعم حبٌّ لخالقه ولربه عزَّ وجلَّ ولرسوله وللمسلمين، فينبغي على المسلم أن تكون كل أيامه عيدًا للحب، يتجدّد فيها الحب ويزداد، فديننا هو دين الحب والمحبة، وليس أيّ حبّ بل الحبّ الحقيقيّ:

الحبّ الذي يكون فيه المحب صادقًا في دعواه.

الحبّ الذي ينبع من القلب.

الحبّ الذي يثاب عليه العبد.

الحبّ الذي ترتفع به درجات العبد عند الله تعالى...

هذه بعض الأدلّة من شرعنا الحنيف على أهمية الحبّ ومكانته وأجره:

في القرآن الكريم:

وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ [البقرة: 165]

وفي الحديث الشريف:

ما تحابَّ رجُلانِ في اللهِ إلّا كان أحَبَّهما إلى اللهِ عزَّ وجلَّ أشَدّهما حبًّا لصاحبِه (المعجم الأوسط للطبراني:2/165، (2899)).

وفي رواية آخر:

سبعةٌ يُظِلُّهم اللَّهُ في ظِلِّه، يومَ لا ظِلَّ إِلّا ظِلُّهُ: وذكر منها ورجلان تحابَّا في الله اجْتَمَعَا عليه وتفرّقا عليه (صحيح البخاري: 1/236، (660)).

والأدلة كثيرة في هذا الباب فنكتفي بذكر هذا القدر، فهذا هو ديننا دين الحب والمحبة، فهل يستطيع أحد أن يقول بعد ذلك أن دين الإسلام يمنع الحب؟ لا، والله! فديننا هو من يحثّنا على الحبّ، ولكن:

الحبّ الذي ليس فيه حرام.

الحبّ الذي لا يخالطه منكرات.

الحبّ الذي لا يكون مدسوسًا من قبل أعداء الإسلام.

الحبّ الذي يكون في إطار الحلال.

الحبّ الذي يثاب العبد عليه.

الحبّ الذي يَصلُح به أمر الدين والدنيا.

الحبّ الذي فيه تعاونٌ على الخير.

ما حكم الاحتفال والتهادي في هذا اليوم؟

في مثل هذه الاحتفالات نرى بعض شباب المسلمين يتسارعون للاحتفال وتبادل الهدايا، والتشبّه بغير المسلمين في تقاليدهم وعاداتهم، ظنًّا منهم أن فعل مثل هذه الاحتفالات يُعبر عن تحضُّرهم ورقيهم، ولكن ما علموا أنهم بمثل هذه الأفعال يكونوا قد ابتعدوا عن هدي نبينا المصطفى الّذي حذّرنا من التّشبّه بغير المسلمين.

وأمَّا عن تبادل الهدايا فإذا كان تقديمها بين المحارم أو الزوجين أو الأبوين أو الأصدقاء، وكان على سبيل التَّقليد والتَّشبه باليهود والمشركين في هذا اليوم فلا يجوز، وأما إن كان إعطاء الهدايا دون الالتزام بهذا اليوم فلا حرج في ذلك ولكن تركُها في هذا اليوم أولى، لورود التأكيد في مخالفة المسلم لأهل الفسق والفجور كما قال العلماء: "ما يدفعه المتعاشقان (من الهدايا) يعتبر رشوة يجب ردّها ولا تملك" (البحر الرائق: 6/441).

نصيحة من الحبيب المصطفى ﷺ لا تتركها

قال صلى الله عليه وسلّم:

إذا أحبَّ الرّجلُ أخاه فَلْيُخْبِرْه أنّه يُحِبُّهُ. (سنن أبي داود: 4/329، (5124))

فإذا أحببت أحدًا من المسلين في الله فأخبره بحبّك له؛ لأن لهذا تأثيرًا إيجابيّا كبيرًا على علاقتك مع هذا الشخص.

أخيراً: بعد أن عرفتَ الفرق بين "الحب الّذي حثَّنا عليه الإسلام" و"الحب الَّذي روَّج له غير المسلمين" أيّهما ستختار؟


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية