عزة الله تعالى وجلاله | الشيخ المفتي محمد قاسم العطّاري


نشرت: يوم السبت،15-يونيو-2024

عزة الله تعالى وجلاله

قال الله سبحانه وتعالى:

كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن: 29]

التفسير:

قيل نزلت هذه الآية رداً على اليهود حيث قالوا إن الله تعالى لا يقضي يوم السبت شيئاً. (تفسير الخازن: 4/211 )

فقيل لهم: إن الله تعالى في كل وقت وفي كل لحظة هو في شأن عظيم، حيث يُحدث ما يحدث من أمور وأحوال في هذا الكون، فيحيي ويميت، ويرزق، ويعزّ قومًا، ويذلّ قومًا إلى غير ذلك مما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء، علمًا بأنه لا يقال: اشتغل الله بكذا أي لفظ الشغل لا يطلق على الله؛ لأن معناه لا يليق بجلاله وعظمته.

عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، عن النبي ﷺ في قوله تعالى:

كل يوم هو في شأن [الرحمن: 29]،

قال: من شأنه أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويخفض آخرين. (سنن ابن ماجه: 1/134، (202))

لا تزال أفعال الله تحدث في كل وقت وحين بمليارات وتريليونات الأشكال، فلو اجتمع جميع البشر على أن يحيط أفعاله لن يتمكّنوا من ذلك ولو بذلوا كل ما بوسعهم وذكائهم.

انظر إلى نظام الكون فبقدر ما تستطيع العين البشرية رؤيته حتى مع استخدام الآلات، فهناك تغيرات مستمرة، وكذلك تحوُّل الليل إلى نهار والنهار إلى ليل، هو ليس أمرًا يحدث في لحظة واحدة بل تتصاعد الشمس وتنحدر تدريجيًا والمؤثر الحقيقي في هذا النظام كله هو الله سبحانه تعالى كما جاء في التنزيل:

تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ (آل عمران: 27)

وهكذا لا يزال ينشأ كائنات ويُفني آخرين حيث قال الله تبارك وتعالى:

وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ (آل عمران: 27)

وأيضًا يتمّ طلب الحاجة من المولى الكريم فيدعوه المريضُ للشفاء، وسيّئُ الحال لرغد العيش، والمحرومُ لحصول الأولاد، والمعسرُ لسعة الرزق، والمصابُ للنجاة من المصائب، وتكون هذه الدعوات كلها من المخلوق في مختلف المناطق واللغات ولا شك أن الله تعالى يسمع دعوات الجميع ويعاملهم بحسب مشيئته وحكمته، وإذا رجعت إلى القرآن ستجد فيه كثيرًا من أفعال الله تعالى وإليك بعضًا منها:

- فالله يهدي الناس

- ويدع الفاسقين في ضلالهم

- ويغفر الذنوب لعباده ويثيبهم

- يرى ويعلم جميع الأعمال لخلقه كله بتفاصيلها التامة الكاملة

- ويذكر المشتغلين بذكره

- ويمتحن عباده بأنواعٍ من الابتلاءات

- ويقبل التوبة

- ويرزق جميع المخلوقات

- ويُخرِج المسلمين من الظلمات إلى النور

- ويهدي الطالبين للهداية

- يُؤْتي الحكمةَ من يشاء

- ويتقبل من العباد صالح الأعمال

- ويُهلك المال الربوي ويزيد الصدقات

- ويصوّر في الأرحام ما يشاء

- ويساعد الفقراء والمضطر

- يُؤْتي الْملْك من يشاء وينزع الْملْك ممن يشآء ويعز من يشاء ويذل من يشاء

- ويحب الطائعين

- ولا يحب العاصين

- ويجزي الشاكرين

- ويحب الصابرين

- ويحب المتوكلين

- ويعطي من خزائن علمه

- ويريد بعباده اليسر

- ويسهل على عباده

ومع كل هذه الأمور فإن الحقيقة هي أن ما قاله تعالى عن كلامه هو الكلمة الأخيرة، ولا نستطيع أن نمدحه مدحًا لائقًا بعظمته وجلاله، قال الله سبحانه وتعالى:

قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادًا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مِدَادًا (الكهف: ١٠٩)

وقال تعالى في مقام آخر:

(وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰم وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٍ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم) (لقمان: ٢٧)

والمعنى: ولو أن جميع أشجار الأرض جُعلت أقلامًا، وجعل البحر مدادًا لتلك الأقلام، وأمد هذا البحر بسبعة أبحر أخرى وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لنفدت الأقلام ولنفد ماء البحر لتناهي كل ذلك وما نفدت كلمات الله تبارك وتعالى لعدم تناهيها.

اللهم املأ قلوبنا بعظمتك وحبّك، واحفظ إيماننا. آمين بجاه النبي الأمين ﷺ.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية