فضل الصدقة وفوائدها | يوسف فرواتي


نشرت: يوم الإثنين،23-نوفمبر-2020

فضل الصدقة وفوائدها

إن الصدقة هي من أنواع التجارات المربحة مع الله تعالى، وهي من الأعمال التي نغفل عنها ونتجاهلها رغم أنها من الأمور البسيطة لكنها ذات أهمية عظيمة وفضل كبير؛ فهي ترفع من أخلاق المرء وتقلل من فساد المجتمع وتزيد المحبة والألفة بين طبقات المجتمع كما أن فيها الكثير من النفع المتبادل وهي من الأمور التي أرشدنا الله ورسوله الكريم إليها وهي موضوع مقالنا التالي وسنذكر في هذا المقال عدة نقاط وهي:
• الإنفاق في سبيل الله
• أنواع الصدقة
• أهمية الصدقة
• فضل الصدقة
• الصدقة اليومية

الإنفاق في سبيل الله

يعتبر الإنفاق في سبيل الله من أجمل الأعمال التي يقوم بها المسلم، وهذا نوع من التضحية بشيء من المال لأجل الله تعالى ومرضاته، عمل قليل ولكنه عظيم الأجر عند الله تعالى، وعلى المسلم أن يتذكّر أنه هو وجميع ما بين يديه ملك لله لا ملك له لأنه سيفارقه ويتركه لغيره ولا يملك إلا ما كان من العمل صالحاً وخالصاً لله تعالى.

فالْمُلْكُ لله عزَّوجلَّ وقد رزقك منه أيها الإنسان وجعل لك فيه امتحاناً، وكل يوم يُريك ويذكّرك أنه لا شيء باق إلا العمل الصالح، فأنت ترى ذلك بموت الأصدقاء والأقرباء وعدم أخذهم لشيءٍ من أموالهم وممتلكاتهم، وهذا الكون يحمل الرسائل التي تدلّ وتنبِّه على فناء الخلق، ففي تساقط الأوراق رسالة، وفي موت الحيوانات رسالة، وفي الزلازل رسالة، وغيرها من الرسائل الكثيرة التي تقول للإنسان: أنك فانٍ ولن ينفعك مالك ولا ممتلكاتك، وليس لك إلا العمل الصالح والصدقة من العمل الصالح إن كانت بإخلاص، فلا تجعل المال سبباً لهلاكك في الآخرة، بل اجعله ذخراً لك وحسنة ينفعك في الآخرة ويكون لك حاجباً من النار، ولذا أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلَّمنا الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وعلى المسلم أن ينفق من صالح ماله فيختار الأحسن من ماله ويخرجه وينفقه في سبيل الله، فالله طيّب ولا يقبل إلا طيباً.

أنواع الصدقة:

واعلم أن للصدقة نوعان:
صدقة واجبة، وصدقة نافلة..

فالصدقة الواجبة: هي الزكاة التي أمرنا الله أن نخرجها من أموالنا ونعطيها الفقراء، وهي فرض على كل مسلم مَلَكَ النصاب، والزكاة أحد الأركان الإسلام الخمس.

والصدقة النافلة: هي الصدقة التي يخرجها المسلم من غير الزكاة الواجبة ولا يلزم فيها النصاب وحولان الحول وهي نوعان:
١- صدقة مادية: تكون بالمال أو بالأشياء كالثياب والطعام والشراب والمسكن.. وذلك بإعطاء الفقير أو المحتاج بعض المال أو الطعام والشراب على حسب احتياجه فهذا من الصدقات المادية المحسوسة.
٢- صدقة معنوية: وتكون بالابتسامة والكلمة الطيبة والتسبيح والتهليل والتكبير وهذا النوع من الصدقات كما حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخبرنا

أن لنا في كل تسبيحة صدقة وكل تهليلة صدقة وأن الكلمة الطيبة صدقة وأن الابتسامة في وجه أخيك أيضاً صدقة. (انظر صحيح مسلم: باب استحباب صلاة الضحى: ١/٤٩٨)

وحتى أن كل نوع من أنواع المعروف هو صدقة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:

كل معروف صدقة.(رواه مسلم في صحيحه: باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف: ٢/٦٩٧)

أهمية الصدقة

لا شك أن للصدقة أهمية كبيرة في حياة المسلم، فالصدقة تعلّم المسلم عدم التعلق بالمال والدنيا، وتعلّمه التضحية والبذل في سبيل الله، وتعلّمه الشعور بإخوانه الفقراء والمحتاجين، كما تعلّمه الرحمة والرأفة بخلق الله تعالى، وتدفعه للتعاون والاجتماع والمحبة، فلا بدّ للمؤمن أن يحافظ على ما يقوّي في قلبه الرحمة والشفقة ويدفعه لمواساة عيال الله بالمساعدة والمساندة، والصدقة باب عظيم لذلك إن أخلص فيه لله يحظى منه بالخير الوافر والأجر العظيم..

فضل الصدقة

إن للصدقة فضائل كثيرة من أهمها:
• الصدقة من صفات المؤمن:وقد مدح الله تعالى المتصدّقين في القرآن الكريم ووعدهم بالأجر والمغفرة، قال الله تعالى:

وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ... أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا. (الأحزاب: ٣٥)

• الصدقة تطفئ غضب الله عزَّ وجلَّ وتدفع ميتة السوء: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عندما ذكر الأصناف الذين يُظلّهم الله في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلا ظله؛ وذكر منهم: رجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تُنفق شماله. (انظر صحيح مسلم: باب فضل إخفاء الصدقة: ٢/٧١٥)

• الصدقة سبب للفوز بظلّ عرش الله يوم لا ظلّ إلا ظلّه: وذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ. (رواه الترمذي في سننه: ٢/٤٥)

• الصدقة سبب لزيادة المال وللبركة فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إمَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ. (رواه الترمذي في سننه ٤/١٤٠)

• الصدقة تطفئ الخطيئة وتمحو الذنب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ النَّارَ الْمَاءُ. (رواه ابن ماجه في سننه ٥/١١٦)

• الصدقة سبب للوقاية من النار: فقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلّمنا أن نتقي النار ولو بشق تمرة نتصدق بها.

الصدقة اليومية

من أهم الأعمال التي ينبغي الاهتمام به الصدقة اليومية ولو بمبلغ يسير فإن ذلك من مهمات الدين التي تقوّي الإيمان وترسّخ اليقين بالله ويدفع به عنه البلاء ويقيه من غضب الله، ففي كل صباح نداء جميل للمنفق من قبل الله ينادي به ملكٌ من الملائكة يقول: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا. (صحيح البخاري ١٤٤٢) وبهذه الدعوة يُوفَّق صاحبها للطاعات وتغمره بركات الرزق والزيادة، وإن هو أهمل الصدقة وأمسك إمساك الشحيح فقد تناله دعوة الملك الآخر الذي يقولُ فيها الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا. (البخاري ت ٢٥٦)

لذلك كانت الصدقة اليومية بركة يستفتح بها العبد يومه ويستفيد منها، وهناك أنواع من الصدقات المستمرّة التي توصل لصاحبها الأجر المستمر طالما دامت منافعها وهي ما يُسمى بالصدقة الجارية، ومن ذلك: حفر بئر والتصدّق به أو التصدق بحديقة وما تنتجه من ثمار أو تعبيد طريق وجعله صالحاً ليسير عليه المسلمين، أو زرع الأشجار ووقفها صدقة لله، أو وقف الأرض لبناء مسجد أو مركز تعليم ديني، أو شراء الكتب لطالب علم الدين.. فهذه كلها من الصدقات الجارية وربما تكون فائدتها يومية فتكون بمثابة الصدقة اليومية وينال صاحبُها الأجر الوافر والثواب العظيم.

فينبغي على المسلم أن يراعي هذه الأمور ويكثر من الصدقة ويساهم في نفع المجتمع ومساعدة الفقراء ليكسب رضا الله عز وجل، وهكذا تجب أن تكون أفعال المسلم مليئة بالخير وحب الناس ومساعدتهم، وبهذا نكون قد حافظنا على وصايا حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.

تعليقات (3)



رمز الحماية