من هي أفضل النساء؟ | محمد ناصر جمال العطاري


نشرت: يوم السبت،28-ديسمبر-2024

من هي أفضل النساء؟

سُئل رسول الله ﷺ عن خير النّساء قال:

الّتي تُطِيعُ إذا أَمَرَ، وتَسُرُّ إذا نَظَرَ، وتَحْفَظُهُ في نَفْسِهَا وَمَالِهِ (السنن الكبرى للنسائي: 5/310، (8961)).

فقد بيّن رسول الله ﷺ في هذا الحديث الشريف مزايا هامّة جدًّا للزوجة الملتزمة المسؤولة:

الأول: طاعة الأوامر.

الثاني: إرضاء الزوج.

الثالث: حفظ المال والشرف.

وهذه تفاصيل بعض هذه المزايا:

أولًا: طاعة الأوامر:

من بين أبرز المزايا أو الصفات الحسنة للمرأة الصالحة الملتزمة: أن تعتبر طاعة لزوجها وخدمتها له جزءًا من مسؤولياتها في حياتها الزوجية.

وقد قال رسول الله ﷺ:

لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَحْمَرَ إِلَى جَبَلٍ أَسْوَدَ، وَمِنْ جَبَلٍ أَسْوَدَ إِلَى جَبَلٍ أَحْمَرَ، لَكَانَ نَوْلُهَا أَنْ تَفْعَلَ (سنن ابن ماجه: 2/411، (1852)).

قال الشيخ أبو الحسن السندي رحمه الله مبينًا معنى هذا الحديث الشريف: يقول رسول الله ﷺ هذا، كِنَايَةً عَنْ تَعْظِيمِ حَقِّ الزَّوْجِ لَهُ، أَيْ لَوْ أَمَرَهَا أَنْ تَنْقُلَ الْأَحْجَارَ مِنْ جَبَلٍ إِلَى جَبَلٍ أَوِ الرَّمْلَ مِنْ حَبْلٍ إِلَى حَبْلٍ، فَإِذَا كَانَ اللَّائِقُ بِحَالِهِنَّ أَنْ تُطِيعَ فِي مِثْلِ هَذَا مَعَ أَنَّهُ تَعَبٌ شَدِيدٌ بِلَا فَائِدَةٍ فَكَيْفَ بِأَمْرٍ آخَرَ؟! وَذِكْرُ الْأَلْوَانَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي البُعْدِ إِذْ لَا يُوجَدَ أَمْثَالُ هَذِهِ الجِبَالِ مُتَقَارِبَةً (حاشية السندي على سنن ابن ماجه: 2/411، (1852)، بتصرف).

وجاء في حديث آخر، عن رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

إذا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ (سنن الترمذي: 2/386، (1163)).

يقول العلّامة عبد الرؤوف المناوي رحمه الله في شرح هذا الحديث: خير النِّسَاء الَّتِي تسرهُ إذا نظر، وَتُطِيعهُ إِذا أَمر، وَلَا تخَالفه فِي نَفسهَا وَلَا مَالهَا بِمَا يكره (التيسير بشرح الجامع الصغير: 1/528).

ثانيًا: إرضاء الزوج:

الميزة الثانية في المرأة الصالحة الملتزمة أن تُولي اهتمامًا كبيرًا لحقوق زوجها ولا تقصر في أدائها، كما أنها تسعى لإرضاء زوجها وإسعاده.

وقد قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ (سنن الترمذي: 2/386، (1164)).

يقول العلّامة عبد الرؤوف المناوي رحمه الله في شرح قوله صلى الله عليه وسلم (المذكور أعلاه في بداية المقال): «خير النِّسَاء الَّتِي تسرهُ» يَعْنِي زَوجهَا «إذا نظر»: إليها لأنّ ذات الجمال عون له على عفته ودينه (التيسير بشرح الجامع الصغير: 1/528).

ثالثًا: حفظ المال والشرف:

المزية الثالثة للمرأة الصالحة: أن تحافظ على مال زوجها وشرفه، وتكون عفيفةً وملتزمةً.

وقد رُوي عن النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:

مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ (سنن ابن ماجه: 2/414، (1857)).

وجاء في الحديث الآخر، عنه ﷺ:

مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً، فَقَدْ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ (المعجم الأوسط للطبراني: 1/279، (972)).

وفي صحيح مسلم: قال رَسُولُ اللهِ ﷺ:

«الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» (صحيح مسلم: صـ 595، (3643)).

وقال الشيخ أحمد يار خان النَّعيمي رحمه الله: قوله ﷺ: وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ؛ لِأَنَّهَا مُعِينَةٌ عَلَى أُمُورِ الْآخِرَةِ... وَلِذَا فَسَّرَ سيّدنا عَلِيُّ رضي الله عنه قولَه تعالى:

رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَة [البقرة: 201]

بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ.

وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَة [البقرة: 201]

بِالْحُورِ العِينِ.

وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ [البقرة: 201]

بِالْمَرْأَةِ السَّلِيطَةِ (مرقاة المفاتيح: 6/265، (3083)).

فكما أنّ الزوجة الصالحة رحمة من الله، كذلك الزوجة السيئة عذاب من الله (مرآة المناجيح: 5/4).

خلاصة الكلام: على الزوجة أن تلتزم بالحجاب وتحافظ على كرامة زوجها، وأن تعتبر مال زوجها وممتلكاته ونفسها أمانة، فتعتني بكل شيء وتحافظ عليه، كما يجب عليها ألا تنظر إلى أي رجل أجنبي سوى زوجها، وألا تدع أي نظر غريب يتوجه نحوها، وفي غياب زوجها يجب عليها أن تحافظ على نفسها وعلى مال زوجها.

يقول العلّامة عبد الرؤوف المناوي رحمه الله: مَنْ ظفر الموصوفة بهذه الخصال الثلاثة فقد وَقع على أعظم مَتَاع الدُّنْيَا (التيسير بشرح الجامع الصغير: 1/528).

أعظم النساء بركة

وقد ذكر رسول الله ﷺ ميزة من مزايا الزوجة المباركة أيضا حين قال النَّبِيُّ ﷺ:

أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَؤونَةً (السنن الكبرى للنسائي: 5/402).

يجب على المرأة ألا تطالب بأكثر من راتب زوجها، بل ينبغي أن تعيش بالصبر والشكر على تيسير، وأن تعيش حياة راضية لتكون من أهل السعادة. وحين لا يكون إمكان لتحصيل الأشياء التي تفضلها، فينبغي عليها ألا تشكو أو تتذمر، بل تصبر وتحتسب.

فيجب على المرأة أن يكون طلبها يتناسب مع الحالة المالية للزوج، وعندما يأتي الزوج بشيء ولو فيه نقص، فينبغي أن تعبر عن فرحها به، فإن مثل هذا يُسعد قلب الزوج ويزيد من المحبة بينهما، بينما إذا رفضت الزوجة الهدية أو انتقدتها، فقد تنشأ كراهية تجاهها، مما يؤدي إلى تفاقم النزاعات والخلافات، وتدمير الحياة السعيدة بين الزوجين.

هناك خصائص عديدة للزوجة الصالحة، وفيما يلي عشر منها:

1. تركز على الإيجابيات في زوجها وتغض النظر عن عيوبه ونقائصه.

2. تحاول تخفيف معاناة زوجها وتسعى لتحقيق راحته حتى لو كان في ذلك مشقة لها.

3. لا تطالب بأكثر من قدرة زوجها المالية وتعيش بالصبر والشكر على ما تيسر لها.

4. تُظهر وفاءها له في أوقات المصاعب والأزمات.

5. إذا أخطأ الزوج في أي مسألة تجاهها، لا تشتكي بل تسعى للصلح وتتحلى بالصبر.

6. تعتبر بيت والديها وأهل زوجها بمثابة منزلها، وتحرص على احترام الجميع.

7. تتحلى بالأخلاق الطيبة مع الجيران والنساء اللواتي تلتقي بهن.

8. تلتزم بالعبادات مثل الصلاة والصوم وتحرص على أداء حقوق الله وحقوق العباد.

9. عندما يتعرض أحد من أهل الزوج أو أقاربه لتصرف غير لائق، تلتزم الصمت ولا تثير المشاكل مع زوجها.

10. ألا تعتبر والدي الزوج أو الضيوف عبئاً أو مشكلة عليها، بل تعاملهم بلطف وتعتبرهم أفراداً من أسرتها.

إدارة المنزل والحياة الزوجية بذكاء وفطنة أمر في غاية الأهمية، السكوت في مكان التحدث، والتحدث في مكان السكوت يمكن أن يسفر عن كثير من المشاكل، لذا حل أي مشكلة بحكمة يفتح أبوابًا في تحقيق الراحة والسكينة في الحياة، فمن الضروري الحفاظ على التفكير الإيجابي وتبني سياسة الفهم والتفاهم بدلاً من التصادم، والتوجه نحو التفاهم وتجنب الصراعات يعتبر مفتاحًا للحياة الهادئة.

كما أن الاعتذار والعفو يُعتبران من علامات الحكمة، لذا حاول أن تجعل هذه الخصائص جزءًا من شخصيتك.

يجب على المرأة أن تتذكر دائمًا أن تبني هذه الفضائل، ولا يعني هذا أنها تصبح خادمة في المنزل أو عبدة لأحد، بل على العكس، فإنها بذلك تكسب احترامًا وكرامة في نظر الجميع وتصبح ملكة في العديد من الجوانب.

كما قيل: إن المرأة الجاهلة تحاول أن تجعل زوجها عبدًا بمعصيتها لزوجها، فتتحول هي إلى زوجة عبد، بينما المرأة العاقلة تمنح زوجها مكانة الملك وتصبح هي الملكة.

تعليقات



رمز الحماية