على الحسّ كقوله: ½والشمس كالمرآة¼ فالغرابة فيه من وجهين, والمراد بالتفصيل أن ينظر في أكثر من وصف, ويقع على وجوه أعرفُها أن تأخذ بعضًا وتدع بعضًا كما في قوله: حَمَلْتُ رُدَيْنِيًّا كَأَنَّ سِنَانَهُ * سَنَا لَهَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِدُخَان وأن تعتبر الجميع كما مرّ من تشبيه الثريّا, وكلّما كان التركيب من أمور أكثر كان التشبيه أبعد والبليغ ما كان من هذا الضرب لغرابته ولأنّ نَيل الشيء بعد طلبه ألذّ, وقد يتصرّف في القريب بما يجعله غريبًا كقوله: لَمْ تَلْقَ هَذَا الْوَجْهَ شَمْسُ نَهَارِنَا * إِلاَّ بِوَجْهٍ لَيْسَ فِيْهِ حَيَاءُ.....................................
(على الحسّ كقوله: ½والشمس كالمرآة) في كفّ الأشلّ¼, فإنه لا يتكرّر رؤية المرآة في كفّ الأشلّ (فالغرابة فيه) أي: في تشبيه الشمس بالمرآة في كفّ الأشلّ (من وجهين) أحدهما كثرة التفصيل في وجه الشبه وثانيهما قلّة تكرّر المشبّه به على الحسّ (والمراد بالتفصيل) في وجه الشبه الذي هو سببٌ في غرابة التشبيه (أن ينظر في أكثر من وصف) واحد من جهة وجود الكلّ أو عدم الكلّ أو وجود البعض وعدم البعض, ولذا قال (ويقع) التفصيل (على وجوه) كثيرة (أعرفُها) أي: أعرفُ تلك الوجوه بمعنى أشدّها قبولاً عند أهل المعرفة لحسنه (أن تأخذ بعضًا) من الأوصاف (وتدع بعضًا) أي: تعتبر وجودَ بعضها وعدمَ بعض (كما في قوله) أي: قول امرئ القيس (حَمَلْتُ) رمحًا (رُدَيْنِيًّا) نسبة إلى رُدينة وهي امرأة تصنع الرماح وتجيد صنعها (كَأَنَّ سِنَانَهُ *) أي: حديدته التي في طرفه (سَنَا) أي: ضوءُ (لَهَبٍ) أي: لهب مضيء, فهو من إضافة الصفة للموصوف (لَمْ يَتَّصِلْ) ذلك اللهب (بِدُخَان) فنظر الشاعر في اللهب الشكلَ واللونَ واللمعانَ وعدمَ الاتّصال بالدخان وشبّه به سنان الرمح (و) من أعرفها أيضًا (أن تعتبر الجميع) أي: وجودَ جميع الأوصاف (كما مرّ من تشبيه الثريّا) بعنقود الملاّحيّة فإنّ المعتبر فيه اللونُُ والشكلُ والوضعُ للأجزاء وكونُ المجموع على مقدار مخصوص (وكلّما كان التركيب من أمور أكثر) أي: كلّما ازداد تركيب وجه شبه (كان التشبيه أبعد) عن الابتذال (و) التشبيه (البليغ) أي: اللطيف الحسن الذي يتخاطب به أذكياء البلغاء (ما) أي: تشبيهٌ (كان من هذا الضرب) أي: من البعيد الغريب, وإنما كان هذا الضرب بليغًا (لغرابته) أي: لكون هذا الضرب غريبًا فيختصّ بالأذكياء (ولأنّ نَيل الشيء بعد طلبه ألذّ) من نيله بلا طلب, هذا عطف على قوله ½لغرابته¼ (وقد يتصرّف في) التشبيه (القريب) المبتذل (بما) أي: بتصرّفٍ (يجعله) أي: يجعل التشبيهَ القريبَ تشبيهًا (غريبًا كقوله) أي: قول المتنبّي يمدح هارون بن عبد العزيز (لَمْ تَلْقَ هَذَا الْوَجْهَ) أي: وجه الممدوح (شَمْسُ نَهَارِنَا * إِلاَّ بِوَجْهٍ لَيْسَ فِيْهِ حَيَاءُ) يعني أنّ الشمس