تلقّي المخاطَب بغير ما يترقّبه بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيهًا على أنه هو الأولى بالقصد كقول القبعثرى للحجّاج وقد قال له متوعّدًا ½لأحملنّك على الأدهم¼: ½مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب¼ أي: من كان مثل الأمير في السلطان وبسطة اليد فجدير بأن يُصْفِد لا أن يَصْفِد, أو السائل بغير ما يتطلّب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيهًا على أنه الأولى بحاله أو المهمّ له كقوله تعالى: ﴿۞يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ﴾ [البقرة:١٨٩]
والكناية أيضًا منه (تلقّي المخاطَب) من إضافة المصدر إلى المفعول أي: تلقّي المتكلّم المخاطبَ والتلقّي المواجهةُ يقال ½تلقاه بكذا¼ أي: واجهه به (بغير ما يترقّبه) أي: بغير ما ينتظره المخاطب من المتكلم, والباء للتعدية (بـ) سبب (حمل كلامه) أي: حمل المتكلّم كلامَ المخاطَب (على خلاف مراده) أي: مراد المخاطب, وإنما يحمل المتكلّمُ كلامَ المخاطَب على خلاف مراده (تنبيهًا على أنه) أي: المعنى الذي حمل عليه المتكلمُ كلامَ المخاطب (هو الأولى بالقصد) دون ما يترقّبه المخاطب (كقول القبعثرى للحجّاج وقد قال) الحجّاج (له) أي: للقبعثرى حال كون الحجّاج (متوعّدًا إياه) لأنّ القبعثرى كان جالسًا في بستان مع جماعة في زمن العنب الأخضر فذكر بعضهم الحجّاج فقال القبعثرى ½اللهم سوّد وجهه واقطع عنقه واسقني من دمه¼ فبلغ ذلك الحجّاج فقال له أنت قلت ذلك فقال نعم! ولكن أردتُ العنب الأخضر ولم أردك فقال له الحجّاج (½لأحملنّك على الأدهم¼) يعني أقيّدنّك بالحديد فقال القبعثرى (½مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب¼) فالقبعثرى تلقّاه بغير ما يترقّبه بحمل الأدهم في كلامه على الفرس الأدهم وضَمَّ إليه ½الأشهب¼ قرينةً على أنّ المراد بالأدهم هو الفرس لا القيد (أي: من كان مثل الأمير في السلطان) أي: القوّة والغلبة (و) في (بسطة اليد) أي: وسعة النعمة والكرم والمال (فـ) هو (جدير) أي: حقيق (بأن يُصْفِد) من الإفعال أي: بأن يعطي (لا أن يَصْفِد) من ½ضرب¼ أي: لا بأن يقيّد, وهذا التفسير بيان لما نبّهه عليه القبعثرى (أو) تلقّي (السائل بغير ما يتطلّب) أي: بغير ما يَطلُبُ (بتنزيل سؤاله) أي: سؤال السائل, متعلِّق بـ½تلقّي¼ (منزلة غيره) بأن يجاب عن سؤال غير سؤاله (تنبيهًا) من المجيب للسائل (على أنه) أي: السؤال الذي أجيب عنه هو (الأولى) لا سؤاله (بحاله) أي: بحال السائل (أو) تنبيهًا على أنه (المهمّ) لا سؤاله (له) أي: للسائل, ثمّ مثّل للأوّل بقوله (كقوله تعالى: ﴿۞يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ﴾) لأنه يتحقّق بها نهاية كلّ شهر فيتعيّن به الوقت للحج والصيام وللمزارع والديون إلى غير ذلك, كانوا سئلوه صلوات الله وسلامه عليه عن سبب اختلاف القمر في زيادة النور ونقصانه فأجيبوا ببيان الحكمة تنبيهًا على